Close Menu
الساعة الآن 01:14 AM

منتديات ياكويت.

للتسجيل إضغط هنا

الابحاث وتطوير الذات تاريخ, جغرافيا, علم اجتماع, سياسة, اقتصاد واعمال, علم نفس, قانون

إضافة رد

Anwar

:: منسق إداري ::

بحث عن السودان من عصر الاستعمار إلى عصر الديكتاتوريات

السلام عليكم

[hide]
القوات المسلحة ودولة القانون والمؤسسات .

لكي يكون هناك في سوريا إصلاح سياسي و إداري ومالي واقتصادي يجب أن يتم ذلك في إطار تصور شامل وصادق وجريء لكل المشاكل التي قادت إلى الأزمة وأولها دور القوات المسلحة في العمل العام وضرورة الاتفاق على صيغة مشرفة لهذا الدور .
أولاً- كان الصراع على سورية شديداً منذ استقلالها فالخارج الاستعماري كان يريد ضبط دورها لسببين الأول هو منع الشيوعية من السيطرة عليها والثاني هو منعها من امتلاك القدرة على هزيمة إسرائيل .
ثانياً- أما الدول العربية في المنطقة فكانت تتصارع على النفوذ في سورية فالمعسكر السعودي لا يريدها أن تذهب للوحدة مع العراق حيث الهاشميون الذين يمكن أن يصبحوا أقوياء فيطالبون بعرشهم في الحجاز .
ثالثاً- والمعسكر الهاشمي في الأردن لا يريد نفوذاً في سورية بل يريدها كاملة موحدة تحت العرش الهاشمي ( مشروع سورية الكبرى ) وطبعاً تحت النفوذ البريطاني ... !
أما مصر فكانت دائماً توالي السعودية ولا ترغب بقيام دولة قوية في شرقي المتوسط تنازعها زعامة العالم العربي .
هذا الصراع المتعدد الجوانب والمتعدد في الإيديولوجيات وفي المصالح عرّض سورية الفتية إلى انهيارات سياسية متتالية كان بعضها يريد إلغاء دور سورية في المنطقة وبعضها يريد إلغاءها !
1- انقلاب حسني الزعيم كان أميركياً سعودياً ومن أهدافه التوقيع على اتفاقية التابلاين لمرور النفط السعودي إلى الزهراني في لبنان والأمر الثاني تسليم مستعمرة ( مشمار هايردن ) إلى اليهود !
وقد حقق الانقلاب هدفيه في زمن قياسي فتم توقيع الاتفاقية مع التابلاين وأعيدت مشمار هايردن لليهود لذلك تم ترحيله بسرعة !


وداخلياً ألغى مجلة الأحكام العدلية وأصدر القانون المدني .

2- انقلاب سامي الحناوي كان إنكليزياً عراقياً مدعوماً من قوى في سورية تؤيد وحدة سورية مع العراق ولو تحت النفوذ البريطاني ، ولكن هذا الانقلاب لم يستطع تحقيق هدفه حين وقفت القوى الوطنية مدافعة عن النظام الجمهوري وكل ما حققه داخلياً هو دستور /1950/ الأفضل بين الدساتير التي عرفتها سورية حتى الآن وتم بالاتفاق السياسي عبر جمعية تأسيسية .
3- انقلاب أديب الشيشكلي كان سعودياً مصرياً في الشكل ولكن القبول الأميركي به كان واضحاً ومن مهامه منع قيام الوحدة مع العراق أو منع إقامة عرش هاشمي لعبد الإله في الشام وفي الموضوع مع الصهاينة كان المطلوب منه السماح لليهود بزراعة الحولة التي هي أرض مجردة من السلاح فتمت الصفقة وصارت الحولة عملياً أرضاً إسرائيلية وداخلياً أعطى المرأة حصة مساوية لحصة الرجل في الأراضي الأميرية .
4- الانقلاب على الشيشكلي كان محلياً ولم تكن له امتدادات خارجية ملحوظة لأنه جاء محمولاً على مقررات مؤتمر حمص برئاسة هاشم الأتاسي تحت شعار إعادة الحياة الديمقراطية وقادة الاشتراكيون البعثيون بقيادة مصطفى حمدون .
وقد نجح هذا الانقلاب الذي تم عسكرياً .في إعادة الحياة الديمقراطية إلى سورية وعملياً تم تمثيل جميع القوى السياسية في مجلس نيابي منتخب وشهد المجلس حضوراً للحزب الشيوعي ممثلاً بنائب واحد في حين أن البعث العربي الاشتراكي ارتفع رصيده من نائبين إلى /17/ نائباً وتمثل الحزب الوطني وحزب الشعب والأخوان المسلمون والقوميون السوريون بأعداد تعكس التنوع في الحياة السياسية السورية بحيث لم يعد يشعر أحد بالاختناق !
5- عاشت سورية مرحلة سياسية ديمقراطية متنوعة صعدت من خلالها الحركة الشعبية والوطنية ولم يعكر هذه المرحلة داخلياً سوى مقتل العقيد عدنان المالكي الذي أتهم الحزب السوري القومي باغتياله فكانت أول مذبحة ضد الديمقراطية لأنه أوكل إلى المكتب الثاني أمر تصفية الحزب من الجيش والإدارة واعتقل أفراده رغم أنه لم يثبت وجود قرار سياسي للحزب بالاغتيال الذي تم بالاتفاق بين جورج عبد المسيح وغسان جديد من وراء القيادة ودون علمها .
كان هذا الحدث خطيراً لأنه خلق سابقة صار بالإمكان بعدها تصفية أحزاب الساحة كلها عن طريق الأجهزة لا عن طريق العمل السياسي الشعبي ورغم كل النصائح بضرورة محاسبة الفاعلين المباشرين على أن يتم التنديد بالحزب السوري القومي سياسياً .
لذلك صار بإمكان هذه الأجهزة أن تتدخل في الحياة السياسية حذفاً وتركيباً إلى درجة أنها صارت الصاحب الوحيد للسلطة وصارت تركب الأحزاب وقياداتها مستندة إلى السابقة التي تمت فأصابت الحياة السياسية بالعطب ولم تكن خيراً للبلد والعمل السياسي ...
6- أما الانقلاب الوحدوي والذي بموجبه قام قادة الجيش بالسفر إلى القاهرة وقدموا سورية بدون شروط لعبد الناصر تحت شعار الوحدة فكان من أهدافه منع تحول سورية إلى أول دولة شيوعية في الشرق العربي وضبط دورها في المنطقة عن طريق مصر .
ومع أن الانقلاب الوحدوي حظي بموافقة شعبية كاسحة لا في سورية وحدها بل في الوطن العربي كله فإنه أدى إلى تصفية الحزب الشيوعي السوري وإبعاد خطره ثم تطور الأمر إلى إلغاء الحياة الديمقراطية والأحزاب فصارت سورية بلداً محكوماً بنظام ديكتاتوري شمولي تحت الراية الوحدوية !
وتحت هذه الراية لوحق الحزب الشيوعي ثم حزب البعث ثم وبسبب الخلاف بين مخابرات السراج و مخابرات المشير عامر صارت الوحدة المحمولة أساساً عليهما بدون سند حقيقي الأمر الذي شجع على قيام الانفصال في 28/9/1961 .
7- انقلاب الانفصال قامت به كتلة الضباط الشوام التي لم تتعرض للتصفية والتي تتستر بالدين وتعادي الشيوعية والبعث والتي سلمها المشير عامر مراكز قيادية في مكتبه بعد تسريح ضباط البعث وكانت هذه المجموعة قليلة العدد ولكنها كانت مرتبطة مع الأردن منذ البدايات و ارتاحت لقيامها قوى إقليمية معادية لمصر كالعراق القاسمي والأردن الهاشمي والسعودية كما ارتاحت لها الولايات المتحدة التي أرادت تحجيم دور مصر القيادي في المنطقة خاصة وأن المهمة الأساسية في إبعاد سورية عن الشيوعية قد تحققت !
8- خلال فترة الانفصال حدث الانقسام الحاد داخل حركة البعث وكان انقساماً مزدوجاً على الصعيدين الحزبي والعسكري .
كان الحوراني يرى أن الوحدة المرتبطة بنظام شمولي ألغى الأحزاب والحريات لم تنجح وأن شعار المرحلة هو إعادة بناء الحركة الشعبية والعودة بسورية إلى المسار الديمقراطي .
عفلق والبيطار كانا يعارضان إعادة تنظيم الحزب في هذه المرحلة لأن الوحدة تمت على أساس حل الحزب وأن الشعار هو إسقاط الحكم الانفصالي تحت شعار إعادة الوحدة على أن يتم بعد ذلك مطالبة عبد الناصر بإعادة الديمقراطية حتى إذا رفض ذلك كان هو الانفصالي (الحوارات حول هذا الموضوع تمت في بيت الدكتور أحمد بدر الدين بدمشق ) .
على الصعيد العسكري كان البعثيون العسكريون قد حسموا أمرهم وشكلوا لجنة عسكرية مهمتها التحالف مع الناصريين والقيادة القومية لإسقاط الحكم الانفصالي وكان هدفهم الحقيقي استيلاء الحزب على السلطة منفرداً ومحاورة عبد الناصر من هذا الموقع القوي .

اللجنة العسكرية كانت ضد الحوراني أكثر مما هي ضد الضباط الذين قاموا بالانفصال لأن الحوراني رفض استيلاء الحزب على السلطة عن طريق العمل العسكري مفضلاً التطور الديمقراطي وهذا الخلاف أقدم من الوحدة ويعود إلى انقلاب مصطفى حمدون ضد الشيشكلي وعصيان قطنا بقيادة مصطفى حمدون وعبد الغني قنوت حيث منع الحوراني العسكرية الحزبية من الاستيلاء على السلطة فصار بالنسبة للطامحين إلى ذلك عقبة كبيرة وهذا هو السبب في عزله واعتقاله مع رفاقه وكأنه هو الذي قام بالانفصال لا عبدالكريم النحلاوي ولا الكزبري ولاالسمان !

9- ما تم من عمل عسكري في الثامن من آذار كان محمولاً على قوى عسكرية حاقدة عل الحوراني لأنه حال دائماً بينها وبين الاستيلاء على السلطة وعل تحالف مع الضباط الناصريين الذين يريدون إعادة الوحدة كما كانت وعلى موافقة القيادة القومية التي تريد إعادة الوحدة بشروط تعرف سلفاً أن عبد الناصر سيرفضها !

10- عل الطريق تم تصفية الناصريين الحلفاء ثم أبعدت القيادة القومية بحجة أنها يمينية في حركة 23 شباط 1966 .
أتجه الحكم العسكري نحو اليسار الماركسي متشدداً قاسياً ومنع أي تعاون مع أحزاب الساحة مفضلاً صيغة ( التعاون مع أفراد تقدميين) ورافضاً الاعتراف بالوجود السياسي للآخرين .
هذا الوضع خلق جواً من عدم الثقة عربياً وداخلياً لأن قوى كثيرة داخل البعث لا تريد سيطرة الفكر الماركسي ولا تريد علاقات مع الاتحاد السوفياتي تصل بالبلد إلى حدود التبعية .

11- في السادس عشر من تشرين الأول قامت الحركة التصحيحية على مبادىء هي:1- حزب البعث هو القائد للدولة والمجتمع
2- الاعتراف بالقوى السياسية في إطار تحالف جبهوي ضمن شـروط

3- الاعتدال في العلاقة مع المعسكرين الاشتراكي والرأسمالي

4- تشكيل مجلس شعب تحت شعار حرية الموطن وكرامته .

وللحقيقة قوبلت الحركة بالتأييد والارتياح داخلياً وعربياً ودولياً وتم توقيع ميثاق للجبهة التي ضمت الاشتراكيين العرب (عبد الغني قنوت) والحزب الشيوعي ( خالد بكداش ) والوحدويين الاشتراكيين ( فايز إسماعيل ) والإتحاد الاشتراكي الناصري ( جمال أتاسي ) وتضمن الميثاق أن الجيش والطلاب ساحة وحيدة للنشاط السياسي مخصصة لحزب البعث وحده .

كان تصّور الأحزاب المشاركة في الجبهة أن وجودها في قيادة الجبهة يعني المشاركة في القرار السياسي ولكن بعد صدور الدستور تضمن أن البعث هو القائد للدولة والمجتمع وبعد الصلاحيات الكبيرة جداً للرئاسة التي تملك أيضاً قيادة الحزب صارت قوة القرار السياسي عملياً في القيادة .

تم توزيع بعض الوزارات على أطراف الجبهة وأقتصر الحضور السياسي لقياداتها على حضور الاحتفالات وإلقاء الخطابات أما صنع القرار السياسي فكان يقوم على مشورة أحياناً تأتي بعد اتخاذ القرار باسم الضرورة .

12- بدأت صيغة الجبهة بالتخلخل وتدخلت جهات أمنية وخلافات داخلية في إحداث انقسامات عديدة في جميع أحزابها فصارت أحزاباً ضعيفة وفقدت ثقة الناس الذين مع الزمن صاروا يتندرون بأنها ديكور سيامي عن تعددية سياسية غير موجودة فعلاً .

أما العلاقات مع المعسكر الاشتراكي فصارت محكومة بمصالح الدولة ولا تستهدي الفكر الماركسي وعملياً كانت السياسة السورية الجديدة تقوم على صيغة جديدة ( علاقات معقولة مع السوفيات وعلاقات مقبولة مع الأميركيين ) لا السوفيات يشعرون بالغربة ولا الأميركان يشعرون بالقهر .

هذه السياسة المعتدلة كانت محل قبول من المعسكرين ومن حزب البعث نفسه الذي يرفض أعضاؤه التبعية للسوفيات أو الالتحاف بالأميركيين ...

استطاع حكم الرئيس حافظ الأسد استعادة دور سورية العربي ودورها الدولي فأوقف الصراع على سورية الذي كان علامة بارزة منذ الاستقلال ولم يعد هناك التأثير الهام للمراكز الهاشمية أو السعودية أو المصرية في السياسة الداخلية في سورية كما أن الصراع الأجنبي للسيطرة على سورية جنح للاعتدال فلا السوفيات صاروا يبحثون عن سورية تابعة ولا الأميركيون يريدون سورية في الجيب الأميركي وكان هذا من إيجابيات حكم الرئيس الأسد بلا جدال .
في كل هذه الأحداث التي مرت على سورية منذ استقلالها يمكن للمحلل السياسي أن يلاحظ وجود دور أساسي للقوات المسلحة في جميع ما نشأ من أحداث .


حول دور القوات المسلحة في أي بلد توجد عدة مدارس وطرق لتحديد هذا الدور يمكن الاستهداء بها في مجال اختيار الدور لأي بلد حسب أوضاعه ودرجة تطوره وحضور الديمقراطية فيه .


التجربة الفرنسية :

حين قرر الجنرال ديغول منح الجزائر الاستقلال قام عدد من جنرالات الجيش الفرنسي بالجزائر بنوع من العصيان ورفضوا هذا القرار تدعمهم قوى المستوطنين في الجزائر وبعض الشرائح المتعاونة مع السلطة الفرنسية .
يومئذ ارتدى الجنرال ديغول لباسه العسكري وذهب للإذاعة وأعلن أن الأمة الفرنسية في خطر لأن شريحة من الجيش الفرنسي خرجت على القرار السياسي للأمة وأعلن الحرب على الجنرالات واستنفر الجيش والبحرية والطيران .


يومئذ قال كلمة مشهورة ذهبت مثلاً ( الجيش الفرنسي ملك لفرنسا وليست فرنسا ملك للجيش الفرنسي ) .
معنى ذلك في التحليل السياسي للتجربة الفرنسية أن لا قرار أبداً للجيش الفرنسي في شؤون السياسة وأن قوة القرار هي في السلطة الدستورية وحدها التي تعتبر الجيش من ممتلكات الأمة ومالك الجيش هو الذي يتصرف به لا العكس أبداً .
يومئذ استسلم الجنرالات وحكموا بجرم العصيان والتمرد على القرار السياسي واستقر الوضع على أن القرار السياسي للأمة يصدر عن مؤسساتها الدستورية ولا دور ولا شراكة للقوات المسلحة في صنع القرار .

التجربة التركية :
بعد سقوط الدولة العثمانية وتأسيس الجمهورية التركية بقيادة قائد الجيش أتاتورك أعلنت الدولة دولة ديمقراطية علمانية وصار الجيش هو صاحب السلطة الفعلية ثم مع التطور والعلاقات مع الغرب وحلف بغداد صارت للجيش مهمتان حماية الدولة من الشيوعية وحماية النظام العلماني .
كان الجيش يتدخل في هاتين الحالتين ويطيح بالحكومات وما عدا ذلك من الشؤون اليومية لا يتدخل .
نفوذ الجنرالات في تركيا ترك هامشاً للعمل الديمقراطي على أن لا يخرج عن العلمانية وأن لا تؤدي سياسة الحكومة إلى تصاعد النشاط الشيوعي .
ومعنى ذلك في التحليل السياسي أن للقوات المسلحة في تركيا دوراً قومياً لا يومياً وأنها شريكة للسلطة السياسية في الأمور الكبيرة فقط وتدافع عن البلد وتحميه من الشيوعية وتحمي النظام العلماني من هجمات القوى الدينية الرافضة له .




التجربة المصرية :
بعد ثورة 23يوليو العسكرية حل مجلس قيادة الثورة وكله من العسكريين محل السلطة السياسية وصار هذا المجلس عبارة عن قيادة جماعية عسكرية استولت على القرار السياسي ثم مع الزمن صار القرار بيد مجموعة أصغر منها ثم استولى جمال عبد الناصر على القرار السياسي كاملاً وصارت الدولة والقوات المسلحة كلاهما يخضعان لقوة القرار العسكري والسياسي لقيادة عبد الناصر .
في التحليل السياسي مصر محكومة الأحزاب والحياة البرلمانية وركزت قوة السلطة في جيش محكوم بأجهزة مخابرات عسكرية وفي شعب مراقب من أجهزة الأمن السياسي وطارت الديمقراطية !

التجربة السورية :
كانت القوات المسلحة تتدخل في السياسة عبر الأحزاب التي كان لها في الجيش مجموعات من المؤيدين ومن هذه الكتل كتلة البعث العربي الاشتراكي وكتلة القوميين السوريين وكتلة الشيوعيين وكتلة الضباط الشوام وكتلة المستقلين وكتلة الناصريين بعد الانفصال .
بعد الثامن من آذار 1963 تحالفت كتلة البعث مع كتلة الناصريين وتم إسقاط الحكم والاستيلاء على السلطة .
بعد ذلك انفرد البعثيون في السلطة بعد إبعاد الناصريين نهائياً عن الجيش .
وحين صار البعث صاحباً وحيداً للسلطة برز للساحة مفهوم جديد للعمل السياسي في الجيش هو ( الجيش العقائدي ) .
معنى هذا المفهوم أن البعث هو اللاعب السياسي الوحيد في القوات المسلحة ولا قوى سياسية لأحد فيها وأن الجيش هو جيش عقيدة البعث ولا إمكانية تسمح لاختراقه من أحد .
كان هدف سلطة 8 آذار أن تمنع أي احتمال لأي انقلاب عسكري على سلطتها المنفردة .
ولكن باستقرار الأحداث نجد أن هذه الصيغة التي كان الهدف منها منع أي انقلاب تعرضت لثلاثة اختراقات عسكرية داخلية .

1- في 23/2/1966 قامت مجموعة عسكرية بانقلاب على القيادة القومية للحزب تحت شعار يساري مهمته إبعاد القيادة اليمينية المحافظة وتعزيز سلطة الحزب التقدمي !
2- في 16/10/1970 قامت مجموعة مسلحة حزبية أيضاً بانقلاب على المجموعة الحزبية اليسارية بقيادة الرئيس الراحل حافظ الأسد تحت شعار (حرية الشعب وكرامته وضرورة قيام جبهة وطنية تقدمية ومجلس شعب ) .
كانت هذه الحركة تمثل الاعتدال وقدمت وعوداً ليبرالية وفي السياسة الخارجية أخذت خطاً وسطاً بين المعسكرين في الحرب الباردة .

3- في عام 1984 قامت مجموعة من الحزبية العسكرية بمحاولة انقلاب على السلطة السياسية مدعومة من العميد رفعت الأسد ومدعومة من حزب النخبة ( رابطة الخريجين ) التي كان يراد لها أن تحل محل حزب البعث في السلطة ولكن هذه الحركة لم تستطع أن تحقق غاياتها وتم تفكيكها بدون سفك دماء .
من هذا العرض يتبين أن مفهوم الجيش العقائدي حقق جزئياً بعض أهدافه فمنع القوى السياسية الأخرى أن تقوم بأي انقلاب ولكن لم يستطع أن يمنع الصراع على السلطة بين أفراد الحزبية العسكرية نفسها بدليل حدوث الاختراقات الثلاثة المذكورة .

على الصعيد الشعبي ترك هذا المفهوم أثراً واضحاً فمع إنفراد البعث في السيطرة على الجيش نشأت مشاعر مكبوتة صارت تنظر إلى الجيش على أنه جيش الحزب بدلاً من أن يكون جيش كل الشعب .
وحين حدثت النكسة في حرب 1967 زادت هذه المشاعر بعد أن قامت سلطة 23شباط بالادعاء أن الحرب كانت تهدف إلى إسقاط النظام التقدمي لا إسقاط الوطن الذي طار الجولان منه !

وحين قامت حرب تشرين 1973 استعاد الجيش دوره الوطني وقوبل بتأييد شعبي كاسح خفف كثيراً من المشاعر المذكورة وكأن الشعب قد أعطى للجيش الفرصة ليكون جيش الشعب والدفاع عنه ومقاومة الغزاة متناسياً أنه جيش الحزب الحاكم لأن هذا الجيش باختياره الحرب على إسرائيل أخذ التفويض الوطني للتحرر من العزلة الضيقة التي كان يراد منها سابقاً إفهام الناس أن قضية الدفاع عن الوطن قضية تخص النظام وجيشه ولا تخص الشعب .
وحين جاء الرئيس بشار الأسد حقق انتقالاً جديداً في هذا المفهوم دون أن يعدل في الشعار بحيث صار من حقائق الوضع في القوات المسلحة أنها انتقلت إلى دولة المؤسسات قبل انتقال مؤسسات الدولة الأخرى .
صار قانون الجيش هو الأساس الذي يتم من خلاله التبديل في القيادات بمعزل عن الموقع الحزبي والولاء الشخصي ولذلك أمكن إجراء تغييرات كانت مستحيلة في السابق وصارت القوات المسلحة خاضعة لقانونها وللإرادة السياسية دونما حاجة لأي عمل عسكري والتزم جميع ضباط الجيش وقياداته وارتاحوا لهذا الخطوة القانونية كما أن الشعب اعتبرها مرحلة من الانتقال التدريجي نحو دولة القانون والمؤسسات .

وباستقرار الواقع نجد أن التجربة السورية تسير نحو ( دور قومي للقوات المسلحة في العمل عبر قيادة الحزب وتسير نحو التخفيف التدريجي للدور اليومي لهذا القوات ) .

دور قومي لا دور يومي للقوات المسلحة وهذا الدور محدد بالدفاع عن الوطن وعن السلطة السياسية وقياداته يمكن أن تسأل في القضايا باعتبارها قطاعاً وطنياً هاماً أكثر مما هي قوة تخشاها السلطة السياسية .
هذا الوضع الجديد ومع تخفيف عبء الأجهزة على الحياة السياسية سيسمح في المستقبل بانفراج في الصيغة السياسية باتجاه ديمقراطية تعددية ومتنفسات دون حاجة للعنف .
إن ترتيب البيت السوري مهمة صعبة يقوم بها الرئيس بشار الأسد بكثير من الحذر والروية والتأني والتدريج على أن لا يمس ذلك الاستقرار .

والسياسيون الذين استعجلوا الأمر أخطأوا التقدير ولم يتركوا للتجربة فترة زمنية للنضوج فأخروا هذه العملية .
إن خطاب القسم كان إعلان نوايا ولم يكن انقلاباً على الوضع كما فهم البعض وهذا الإعلان يحتاج لجهود الكثيرين من المتنورين داخل الحزب الحاكم وداخل القوى السياسية الموالية والمعارضة ليأخذ طريقه للتنفيذ .
وفـي جميـع التجارب السياسـية فإن مـا هـو ممكن في الواقـع هو غير ما هـو من النوايـا والأحـلام والأمـور تحتـاج دائمـاً للحـذر والتـأني للوصول إلى تحديد لدور القوات المسلحة في العمل العام بحيث يصبح حامياً للبلد ومدافعاً عن الحدود وعن الديمقراطية والعلمانية بمواجهة كل القوى التي ترى ترتيب البيت السوري من الباب الخارجي أو من باب التعصب الذي يؤذي الوحدة الوطنية .

جيش محترف ومدرب جيداً ومسلح بأحدث الأسلحة واحتياطي شعبي لمدة سنة واحدة فقط للتدرب على الأسلحة لا على الخدمات المختلفة فقط هو هدف وطني شامل .
لقد أنهكت سورية الانقلابات العسكرية وسمحت في بعضها للخارج أن يستثمر هذا الوضع وآن الأوان لتحديد الدور القومي لهذه القوات كجزء من عملية الانتقال نحو دولة القانون والمؤسسات وهذا الترتيب سينجح .
[/hide]

دمتم بود
سبحان الله وبحمده

فرفوشه

:: ضيف شرف ::

#2

مـــلاك عمري

:: عضو متقدم ::

#3
يعطيك الف عاافيه
إضافة رد


يشاهدون الموضوع : 1 ( عضو0 زائر 1)
 
أدوات الموضوع

الانتقال السريع