Close Menu
الساعة الآن 03:45 AM

منتديات ياكويت.

للتسجيل إضغط هنا

أدوات الموضوع
إضافة رد

فرفوشه

:: ضيف شرف ::

نساء صنعن التاريخ






انَّ الحديث عن المرأة في تاريخنا ذو شجون، فهو
لا ينتهي إلى حدّ، وكلما تجدَّد، انفتحت آفاق واسعة فهناك نسوة تركت بصمتها ليس فقط في التاريخ العربي بل في التاريخ والوجداني الإنساني كله.. إنهن كاللآلئ، يزددن بريقاً يوماً تلو آخر .. كنوز نسائية وتجارب تحتذى.
سأحدثكم عن من نقشت اسماؤهم بمداد الفخر
ونحتها التاريخ في جبين الدهر
سنكون مع نساء صنعن التاريخ

مركز تحميل
وسنبدأ بـــــ


أم النجباء أمّ كلثوم بنت عُقبة بن أبي مُعَيْط
المهاجرة بدينها إلى الله ورسوله


صحابية جليلة سجلت لها كتب السيرة والتاريخ نفحة من نفحات البركة والإيمان حين أكرمها الله بالإسلام، إنها أم كلثوم بنت عُقبة بن أبي مُعَيط الأموية القرشية، وأمها الصحابية الجليلة وأم أمير المؤمنين الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه أروى بنت كُريز بن ربيعة العبشمية رضي الله عنها وأرضاها.


في ظلال الإسلام




لما نزلت الشريعة المحمدية أكرمت المرأة، فساوت بينها وبين الرجل في أداء الواجبات التي عليها واجتناب المحرمات، فكان لها من الحق ما أعطاها الله كما للرجل ما أعطاه الله، وعليها ما عليه على حسب ما ورد في الشريعة، لكن الله فضله عليها في قوة الجسم، وبسطة اليد، والانفاق عليها ورياستها وغير ذلك، وهو ما يُعرف بالقوامة، وذلك رأفة بها ومناسبة لحالها وضعفها، وتخفيفًا عنها ما لا يطيقه إلا الرجال، وقد أجمل الله عز وجل ذلك في القرءان الكريم بلفظ وجيز، وأدق تعبير، فبين هذه الحقوق بقوله تعالى: {ولهنَّ مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهنّ درجة والله عزيز حكيم} [سورة البقرة ءاية 228].



وقد قرن الله بينهما في إدخار الأجر والثواب عنده، وارتقاء الدرجات العلى في الآخرة، كما قرن سبحانه بينهما في كثير من الفضائل ومنها الإسلام، والإيمان، والصدق، والصبر، والخشوع وثواب الصدقة، والصيام وحفظ الفروج، وذكر الله وغير ذلك، وقرن هذه الصفات بعضها ببعض فقال جل وعلا: { إنّ المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات والصادقين والصادقات والصابرين والصابرات والخاشعين والخاشعات والمتصدقين والمتصدقات والصائمين والصائمات والحافظين فروجهم والحافظات والذاكرين الله كثيرًا والذاكرات أعدّ الله لهم مغفرة وأجرًا عظيمًا} [سورة الأحزاب ءاية 35].


بداية عطرة

أسلمت أم كلثوم، ورأت، وعاينت بنفسها صرخات المتألمين وءاهات المعذبين تحت سياط وضربات الكفار كفار قريش، فما اهتز إيمانها، ولا تزعزع بخوف أو وجل.

وقد صلّت أم كلثوم نحو القبلتين، وبايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة قبل هجرته إلى المدينة.

وأم كلثوم هي أخت أحد العشرة المبشرين بالجنة لأمه، وصهر النبي صلى الله عليه وسلم عثمان بن عفان عليه سحائب الرضوان، فقد تزوجت أروى بنت كُريز من عفان بن أبي العاص، فولدت له عثمان وءامنة، ثم تزوجها من بعده عقبة بن أبي معيط فولدت له الوليد وعمارة وخالدًا وأم كلثوم وأم حكيم وهندًا كما جاء في "الإصابة".

وأروى هذه صحابية كريمة، علمت بإسلام ابنها عثمان في بدء الدعوة، فلم تُنكر عليه ذلك، بل كانت سباقة إلى نصرة النبي العظيم صلى الله عليه وسلم والدين الحنيف، فقد وقفت وقفة مباركة جريئة حفظتها كتب التاريخ، فقد روى ابن الأثير رحمه الله أن عقبة بن أبي معيط قد شكا عثمان بن عفان إلى أمه أروى فقال لها: إن ابنك قد صار ينصر محمدًا فلم تُنكر ذلك من ابنها، ووقفت في موقف مشرف وقالت لعقبة: ومَن أولى به منّا؟ أموالنا وأنفسنا دون محمد صلى الله عليه وسلم.

وكان عقبة بن أبي معيط هذا من أشد الناس عداوة للنبي صلى الله عليه وسلم وللمسلمين كثير الأذى، وقع في الأسر في أيدي المسلمين لما كانت غزوة بدر فقتل بأيديهم، وأما أخواها الشقيقان وهما الوليد وعمارة ابنا عقبة فقد أسلما يوم فتح مكة.


هجرتها





لما كانت الهجرة النبوية إلى المدينة، حُبست أم كلثوم في مكة المكرمة ومُنعت من اللحاق بركب المهاجرين، فكتمت إيمانها، وحملت في قلبها الأمل بأن الله عز وجل يعينها على الفرار بدينها من شرك كفار قريش وأذاهم إلى مدينة النور والإسلام، فصبرت على ذلك زمنًا وهي تتحمل الشدائد في سبيل الله عز وجل، إلى أن شاء الله لها بالهجرة فكان لها بذلك شأن عظيم يدل على إكرام الله تبارك وتعالى لها ولأمثالها من المؤمنات الصابرات.


قال ابن عبد البر رحمه الله في "الاستيعاب": "إنه لم يتهيأ لأم كلثوم هجرة إلى سنة سبع من الهجرة، وقيل: هي أول من هاجر من النساء، وكانت هجرتها زمن صلح الحديبية".


وتروي أم كلثوم بنت عقبة في قصة هجرتها فتقول: "كنت أخرج إلى بادية لنا فيها أهلي، فأقيم فيها الثلاث والأربع ثم أرجع إليهم فلا يُنكرون ذهابي للبادية، حتى أجمعت المسير، فخرجت يومًا من مكة كأني أريد البادية، فلما رجع من تبعني، إذ رجل من خزاعة، قال: أين تريدين؟ قلت: ما مسألتك؟ ومن أنت؟ قال: رجل من خزاعة.


فلما ذكر خزاعة اطمأننت إليه لدخول خزاعة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعقده. فقلت: إني امرأة من قريش، وإني أريد اللحاق برسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا علم لي بالطريق، قال: أنا صاحبك حتى أوردك المدينة. ثم جاءني ببعير فركبته حتى قدمنا المدينة، وكان خير صاحب، فجزاه الله خيرًا، فدخلتُ على أم المؤمنين أم سلمة وعرفتها بنفسي فالتزمتني، وقالت: هاجرت إلى الله عز وجل وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم؟


قلت: نعم، وأنا أخاف أن يردني، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على أم سلمة فأخبرته بذلك، فرحب وسهل.


فقلت: يا رسول الله، إني فررت إليك بديني، فامنعني ولا تردني إليهم يفتنوني ويعذبوني، ولا صبر لي على العذاب".


فنزل قول الله تعالى: {يا أيها الذين ءامنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهنّ الله أعلم بإيمانهنّ فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهنّ إلى الكفار لا هنّ حلٌّ لهم ولا هم يحلون لهنّ وءاتوهم ما أنفقوا ولا جُناح عليكم أن تنكحوهن إذا ءاتيتموهن أجورهنّ ولا تُمسكوا بعصَم الكوافر واسألوا ما أنفقتم وليسألوا ما أنفقوا ذلكم حكم الله يحكم بينكم والله عليم حكيم} [سورة الممتحنة ءاية 10].



وروى البيهقي في "دلائل النبوة" وابن عبد البر في "الاستيعاب" أن أم كلثوم رضي الله عنها لما هاجرت لحقها أخواها الوليد وعمارة ابنا عقبة بن أبي معيط ليرداها، فمنعها الله عز وجل منهما بالإسلام، ولم يدفعها رسول الله صلى الله عليه وسلم لهما. ثم امتحن رسول الله صلى الله عليه وسلم أم كلثوم والنساء بعدها.


وروى ابن جرير رحمه الله عن أبي نصر الأسدي قال: سُئل ابن عباس رضي الله عنهما، كيف كان امتحان رسول الله صلى الله عليه وسلم النساء؟


قال: كان يمتحنهن: بالله ما خرجتُ من بُغض زوج، وبالله ما خرجتُ رغبة عن أرض إلى أرض، وبالله ما خرجت التماس دُنيا، وبالله ما خرجت إلا حبًا لله ولرسوله.


ويروى أن الوليد وعمارة دخلا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالا: يا محمد أعد لنا أختنا أم كلثوم، ردها إلينا، هناك شروط متفق عليها بيننا وبينكم، وأنت من نعلم لا تنقض عهدًا ولا تخلف وعدًا.


فلما نزل قول الله في سورة الممتحنة استثنى النساء، وكان هذا الامتحان لأم كلثوم، فكانت الممتحنة الأولى.


فقد خرجت حبًا بالله وبرسوله وطلبًا للإسلام لا حُبًا لزوج ولا لمال.


ويروى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول للنساء: "والله ما أخرجكنّ إلا حب الله ورسوله والإسلام، أما خرجتنّ لزوج ولا مال؟ فإذا قلن ذلك، لم يرجعهن إلى الكفار".


أم كلثوم أم النجباء


كانت أم كلثوم من أوفر النساء عقلاً، وأقواهنّ إيمانًا، فاحتلت مكانة لائقة بين نساء الصحابة المهاجرين والأنصار، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُكرمها لصدق إيمانها، وقد أخرجها معه في بعض غزواته تداوي الجرحى، وضرب لها بسهم.


وكان صلى الله عليه وسلم يهتم بأمرها، فقد ورد أنه خطبها الزبير بن العوام، وزيد بن حارثة، وعبد الرحمن بن عوف، وعمرو بن العاص رضي الله عنهم. فاستشارت في هذا أخاها لأمها عثمان بن عفان رضي الله عنه، فأشار عليها أن تأتي النبي صلى الله عليه وسلم، فأتته فاشار صلى الله عليه وسلم عليها بزيد، وقال: تزوجي زيد بن حارثة فإنه خير لك". فتزوجته فولدت له زيدًا ورقية.


وروى النووي رحمه الله في "تهذيب الأسماء واللغات" وابن حجر في "تهذيب التهذيب" أن الزبير بن العوام تزوجها لما استُشهد زيد بن حارثة في موقعة مؤتة، فولدت له زينب، وكان الزبير رضي الله عنه شديدًا على النساء، فسألته الطلاق، فطلقها، ثم تزوجها عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه، فولدت له إبراهيم وحميدًا، فلما توفي عنها تزوجها عمرو بن العاص رضي الله عنه فماتت عنده.


وكان أولاد أم كلثوم رضي الله عنها من نجباء العلماء الذين تركوا ءاثارًا كريمة في دنيا العلم والعلماء في تاريخ الإسلام.


فابنها حُميد بن عبد الرحمن بن عوف الزهري التابعي المشهور، كان فقيهًا نبيلاً عالمًا، له روايات كثيرة، سمع من خاله عثمان بن عفان رضي الله عنه وهو صغير، قال عنه ابن العماد في "شذرات الذهب": "كان عالمًا فاضلاً مشهورًا توفي سنة 95هـ رحمه الله تعالى".


مناقبها


روت أم كلثوم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة أحاديث، أخرج لها منها في الصحيحين حديث واحد متفق عليه، وروى لها الجماعة سوى ابن ماجه، وروى عنها ابناها حميد وإبراهيم ابنا عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه.


ومما يعزز علمها ووعيها ومقدرتها على الحفظ والرواية أنها كانت إحدى نساء قريش القلائل اللواتي كنّ يعرفن القراءة والكتابة، وهذه ميزة عظيمة في ذلك الزمان.


ومن مروياتها ما أخرجه الإمام مسلم بسنده عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف أن أمه أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط رضي الله عنها، أخبرته أنها سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول: ليس الكذاب الذي يُصلح بين الناس ويقول خيرًا ويُنمي خيرًا".


ومن الجدير ذكره أن وفاة الصحابية الجليلة أم كلثوم كانت في خلافة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ورضي الله عنه.


رحم الله السيدة الجليلة أم كلثوم هذه الصحابية المؤمنة المهاجرة التي كانت قدوة في التضحية والصبر والثبات ومثالاً صادقًا على الإخلاص لله عز وجل ولرسوله الكريم صلى الله عليه وسلم.


وءاخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

فرفوشه

:: ضيف شرف ::

#2
زبيدة بنت جعفر زوجة هارون الرشيد

عُـرفت زبيدة بنت جعفر بمواقفها الرصينة , ومكانتها المرموقة , والاثار التي تركتها في بلاد الحرمين.

ولدت عام 145هجرية. وتزوجت من هارون الرشيد في يوم مشهود, نثرت فيه الجواهر واللالىء الثمينة على الناس.
وقد وصفها ابن تغري بردي قائلا: أعظم نساء عصرها ديناً وأصلا وجمالاً وصيانة ومعروفاً.
وقد ذكر ابن جبير في طريق رحلته الى مكة الاثار وعين الماء المروفة باسمها فقال: وهذه المصانع والبرك والابار والمنازل التي من بغداد الى مكة هي ءاثار زبيدة ابنة جعفر.

وكانت زبيدة أثناء حجها قد رات ما يعانيه الحجاج من نقص المياه ,لهذا أمرت بحفر نهر جار يتصل بمساقط مياه المطر, وبذلت الكثير من أموالها وجواهرها . وبعد أن درس أمهر المهندسين المشروع, قرروا أنه يحتاج لأموال عظيمة لإنشاء هذه العين, فكان جوابها: اعمل ولو كلفتك ضربة الفاس ديناراً.
وبلغ طول هذه العين عشرة أميال.

توفيت زبيدة ببغداد سنة 216هجرية وظل الناس يتذكرون سيدة عظيمة

خدمت سبل الحج بتأمين المياه وأنفقت أموالها في سبيل ذلك.

النوّار بنتُ مالك النجارية الأنصارية


أمّ الفرضي وجامع القرءان


كلما استرجعنا حادثة الهجرة النبوية من مكة إلى المدينة تحضر
في الذاكرة هؤلاء القوم الذين فتحوا قلوبهم قبل بيوتهم لاستقبال النبي الحبيب صلى الله عليه وسلم




فتسابقوا فيما بينهم على البذل والعطاء وحُسن الكرم والضيافة وتنافسوا في ميادين الفضائل ابتغاء وجه الله ومرضاته والفوز بسعادة الدارين ، مصدقين بما جاء في نبيهم صلى الله عليه
وسلم فكان في عزّ ومنعة بينهم مع قومه وأهل بلده.




وصحابية اليوم واحدة ممن اجتمعت فيها العديد من صفات
البرّ والصلاح والزهد والعبادة وامتازت بكرم وسخاء،
ومشت في درب السعداء وهي من هؤلاء القوم الذين
نصروا نبيهم صلى الله عليه وسلم

وفضائل هذه الصحابية الجليلة كثيرة، تكرر ذكرها في
كتب السيرة والأحاديث النبوية في مواضع كثيرة..
فهي من الأنصار الذين نصروا الله وما استكانوا ولا خافوا
ولا وهنوا.

ونساء الأنصار أخلصن لله الواحد القهار، ففاحت عطور فضائلهن وعبقت في ديار الإسلام.


من هي النــوّار؟

أورد الحافظ ابن حجر العسقلاني ترجمتها في كتاب
"الإصابة" فقال: " النّوار بنت مالك بن صِرْمَة بن مالك
بن عديّ بن النجار الأنصارية، من بني عدي بن غنم
بن النجار"

قال ابن سعد:" أمها سلمى بنت عامر بن مالك بن
عدي وهي والدة زيد بن ثابت الصحابي المشهور،
وأخيه يزيد.


روت عن النبي صلى الله عليه وسلم وروت عنها أم
سعد بنت أسعد بن زرارة ، وتزوجها بعد ثابت عَمارَة
ابن حزم فولدت له مالكا".



ترجم لها الأثير الجزري رحمه الله في "أسد الغابة
في معرفة الصحابة" بقوله :" النوّار بنت مالك ابن
صرمَة من بني عدي بن النجار، وهي أم زيد بن
ثابت الأنصاري الفقيه الفَرضي(العالم بالفرائض أي
علم الميراث) كاتب رسول الله صلى الله عليه وسلم".

عن النوّار بن مالك أم يزيد بن ثابت قالت: رأيت على
الكعبة قبل أن ألد زيد بن ثابت، وأنا به نَسُوء( تعني حامل) مطارف خزّ خضرًا وصفرًا وكرارًا وأكسية من نسج
الأعراب وشقاقًا من شعر.

عن النوّار أم زيد بن ثابت قالت، كان بيتي أطول بيت
حول المسجد فكان بلال يؤذن فوقه من أول ما أذن إلى
أن بنى رسول الله صلى الله عليه وسلم مسجده.


ولمن لم يطّلع على أحداث يوم بُعــاث الذي قتل فيه زوج
النوّار الأول ثابت بن الضحاك الخزرجي نقول: إن هذا الإسم
هو لموضع بالقرب من المدينة المنورة جرت به حروب
ومناوشات بين ابناء قبيلتيّ الأوس والخزرج وهما من
قبائل اليمن المهاجرة بعد خراب سد مأرب.
فقبيلة الأوس تحالفت مع يهود بني النضير وبني قريظة على المؤازرة والتناصر، فلمّا سمع بذلك الخزرج جمعوا صفوفهم
وحشدوا رجالهم وراسلوا حلفاءهم من سائر قبائل العرب
كبني اشجع وجهينة, وراسلت الأوس حلفاءها من مُزينة ،
ومكثوا اربعين يومًا يتجهزون للحرب.
والتقى الفريقان في بُـعاث وهي من محالّ بني قريظة،
وكان زعيم الاوس يومئذ خضير الكتائب بن سماك والد
الصحابي الجليل أسيد بن خضير، وعلى الخزرج عمرو
بن النعمان البياضي، وتخلّف عبد الله بن أبيّ ابن سلول
فيمن تبعه عن الخزرج وتخلف بنو حارثة ابن الحارث عن
الأوس.
فلما التقوا اقتتلوا قتالا شديدًا فقتل سيد الأوس وسيد
الخزرج ، وانهزمت الخزرج وصاروا تحت سيوف الأوس
المنتصرين فصاح صائح: يا معشر الأوس أحسنوا ولا
تهلكوا إخوانكم، فجوارهم خير من جوار الثعالب (اليهود)
فانتهوا عنهم ، ولم يسلبوهم، وإنما قام بالسلب والنهب
حلفاء الاوس بنو النضير وقريظة.
وفي يوم بُعـــاث يقول الشاعر الجاهلي المعروف قيس
بن الخطيم:
ويوم بُعاث أسلمتنا سيوفنا = إلى نسب من جذم
غسان ثاقب


ثم بعد وفاة زوج النوّار في يوم بُعاث تزوجت هذه السيدة
الفاضلة من عمار بن حزم بن زيد من بني النجار، فهو
ايضًا أنصاري رضي الله عنه ، كان أحد الرجال السبعين
ليلة العقبة، شهِد بدرًا وأحدًا مع رسول الله صلى الله
عليه وسلم ويوم فتح مكة كان يحمل راية بني النجار،
وظل يجاهد في سبيل الله فشهد مع خالد بن الوليد
رضي الله عنه قتال أهل الردة وقُتل يوم اليمامة شهيدًا
في السنة الثانية عشرة للهجرة.

أمّ جامع القرءان


كانت النوّار من النساء الصالحات اللواتي وهبهنّ الله
حافظة جيدة، ولسانًا فصيحًا كانت تُقبل على ءايات
الوحي فتحفظها عن ظهر قلب ثم تلقنها لولدها ثابت،
الذي أسلم وهو ابن إحدى عشرة سنة عند قدوم
النبي الأعظم صلى الله عليه وسلم مهاجرًا إلى المدينة ،
وقد منّ الله على ولد النوّار هذا، فأصبح بعد حين شيخ القُرّاء والفَرَضيين وأحد كتبة الوحي وجامعًا لسور القرءان
ومفتي المدينة رضي الله عنه.


وكان يجيد لغة اليهود تحدُثًا وكتابة بعد أن أمره رسول الله
صلى الله عليه وسلم أن يتعلم خط اليهود ليقرأ للنبي
كتبهم ورسائلهم وقال له صلى الله عليه وسلم :" فإني لا ءامنهم"

فتعلم كلام اليهود حتى أتقنه وتقول بعض الروايات أنه
حذق اللغة في أيام قليلة، ربما بلغت نصف شهر.

كان زيد بن ثابت من أصغر كتاب الوحي، كان يسمع
القرءان عذبًا طريًا مشافهة من فم النبي صلى الله
عليه وسلم وقد ولاه رسول الله الفرائض اي المواريث
بعد أن وصفه صلى الله عليه وسلم بقوله:" أفرضُ
أمتي زيد بن ثابت".

وفي هذا الأمر نبّه محمد بن علي الرحبي أرجوزة
" الرحبية" إلى فضل زيد حيث قال:
وإن زيدًا خُصّ لا محالة
بما حَباه خاتم الرسالة

من قوله في فضله مُنبّها
أفرضكم زيد وناهيك بها

ومما تروي كتب السيرة أن أول هدية أهديت إلى رسول
الله صلى الله عليه وسلم عندما نزل ضيفًا على أبي أيوب الأنصاري كانت قصعة النوّار أم زيد بن ثابت ، فيها خبز مثرود
بسمن ولبن ، بعد ذلك جاءت قصعة سعد بن عبادة وفيها
ثريد وعَرقُ لحم، وجعل بنو النجار يحملون الطعام كل يوم
إلى بيت ابي أيوب بالتناوب فما كانت من ليلة إلا وعلى
باب النبي يقف الثلاثة يحملون الطعام، ولكن فضل السّبق
في هذا نالته النوّار رضي الله عنها وأرضاها.


بلال يؤذن عندها

لما كانت دار النوّار أطول دار حول مسجد رسول الله
صلى الله عليه وسلم كان سيدنا بلال مؤذن الرسول
يصعد أعلى دارها، لينادي للصلاة، وقد شرفها الله بهذا
الفضل العظيم، فكان بيتها أول منارة للإسلام في
المدينة يُذكر فيها الله بالنّداء للصلاة..

فهنيئًا للنوار هذا الشرف العظيم الذي حباها الله به.
وكانت النوّار رضي الله عنها إلى جانب حبها ووعيها لحفظ
القرءان شغوفة ً بحفظ الأحاديث النبوية الشريفة، فقد
روت عن النبي صلى الله عليه وسلم بعض الأحاديث
وكذلك روت عن أمهات المؤمنين ، وكانت صاحبة همة
عالية، وهبت حياتها لله فأكرمها الله في نفسها وفي
ولدها بعد أن علمته وربته أحسن تربية

فكانت مكرّمة هي وولدها عند النبي صلى الله عليه وسلم
وعند الخلفاء الراشدين من بعده، خصوصًا الصّديق الذي
كلّف زيدًا بجمع القرءان فتحرى الصدق والأمانة في
جمعه من صدور الرجال مشافهة ومن سعف النخيل
فأدى المهمة كما يحب الله ويرضى.

وهذا القرءان الذي بأيدينا جمعه هذا الصحابي الجليل رضي
الله عنه.
أما عن وفاة النوّار رضي الله عنها فتروي كتب التراجم
أنها توفيت وصلى عليها ابنها زيد رضي الله عنها وجزاها
كل خير عن ولدها وعن أمة الإسلام ، فلولا حرصها
على تربية ابنها وتنشئته على الهدي النبوي ما كانت
لتتحمل كل هذه المشقات ولا تحلت بهذا الصبر ،
ولكنها في النهاية رأت ثمرة غرسها الصالح في ولدها،
فهو زينة من رجالات الأمة المحمدية , وماتت وهي ترجو
سعادة الآخرة ولقاء نبيها الأعظم صلى الله عليه وسلم.


رحلت النــوّار بعد حياة مباركة قضتها كما أمرها خالقها، فأدّت
ما عليها لأجل نُصرة دين الله في نفسها وولدها رضي الله
عنها وأرضاها وأسكنها في أعلى عليين بصحبة النبي
صلى الله عليه وسلم والصالحين وحسن أولئك رفيقا.


وقبل أن ننهي هذه القصة نذكر في الخاتمة أنه في السنة الخامسة والأربعين من الهجرة النبوية المباركة توفي
زيد بن ثابت رضي الله عنه فرثاه حسان بن ثابت رضي
الله عنه قائلا:
فمن للقوافي بعد حسّـان وابنــه ~~ ومــن للمثانـي
بعد زيــد بن ثابــت

والحمد لله رب العالمين أولا وءاخرًا

عمّات الرسول صلى الله عليه وسلم

عمات النبي السّت هن ام حكيم ، عاتكة ، برة ،
اميمة ، صفية واروى .وهن بنات عبد المطلب جد رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وأم حكيم هي عمته التوأم لأبيه عبد الله وكانت تعرف بالبيضاء .
أما صفية وهي أصغرهن فهي توأم حمزة وقد عاشت عشرين عاماً بعد الهجرة .
وقصة اسلام اروى بنت عبد المطلب ان ولدها "
طليب بن عمير " أسلم في بيت الأرقم بن ابي الأرقم ، فدخل على امه اروى يوماً فقال : اتبعت محمداً يا
اماه واسلمت لله عز وجل ، فأجابته : يا ولدي إنه
أحق من ءازرت وعضدت ابن خالك ... والله لو كنا
على ما يقدر الرجال لمنعناه وذببنا عنه .
أما " اميمة " فهي والدة " زينب بنت جحش" ام
المؤمنين وهي والدة " حمنة " زوجة " مصعب بن
عمير " الذي قتل في سبيل الله في أحد .
أما "عاتكة " فهي والدة زهير بن ابي أميّة بن المغيرة الذي أسلم بعد الفتح .
أما " برة" بنت عبد المطلب وهي التي قدمت
للإسلام بطلين عظيمين هما ابو سبرة بن درهم
الذي حضر بدراً وأُحداً مع رسول الله صلى الله
عليه وسلم ، وأبو سلمة الصحابي المشهور .

وأما " صفية " فقد كان لها مكانة خاصة في قلب
النبي وكانت على جانب كبير من الشجاعة ، وهي
التي قتلت اليهودي الذي كان يطوف ببيت حسان
حين اجتمعت فيه نساء المسلمين .
وهي أيضاً والدة الزبير بن العوام حواري رسول الله
صلى الله عليه وسلم .

أم المؤمنين سَودةُ رضي الله عنها


سَودةُ بنتُ زَمعَة بنِ قيسٍ وأُمّها الشَّمُوسُ بنتِ قَيس بنِ زَيد بنِ عَمرو مِن بني النّجّار .
وتَزوّجها رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدَ الهجرَةِ، وقيلَ في شَوال قَبل مُهاجَرِه إلى المدينةِ بَعدَ وفاةِ خَديجة
وكانَت تحتَ السّكران بنِ عَمرو فأسلَم وتوفّي عَنها.
وتُوفّيَت في خِلافة مُعاويةَ سنةَ أَربعٍ وخمسِين بالمدينة .
وقيلَ إنّه تَزوّج عائشةَ قَبلَ سَودة والصّحيحُ أنّه تَزوّجَها في شوّالٍ إلا أنّه لم يَدخُل بعائشةَ إلا بعدَ سنتينِ أو ثلاثٍ .
وقال ابن حجر في الإصابة :
خُطِبَت عليه سَودةُ بِنتُ زَمعَة وعائشةُ فتزوّجَهُما فبَنى بسَودَة بمكةَ، وعائشَةُ يومَئذٍ بنتُ ستِّ سِنينَ حتى بَنى بها بعدَ ذلكَ.

رضي الله عن أمهات المؤمنين

(حارسة القرءان)
حفصة بنت عمر

حفصة بنت عمر بن الخطاب أخوها عبد الله بن عمر لأبيها ولدت حفصة وقريش تبني البيت قبل مبعث النبي عليه الصلاة والسلام بخمس سنين تزوجت خنيس بن حذافة السهمي أسلم وهاجر إلى الحبشة الهجرتين وهاجرت حفصة معه إلى المدينة فشهدا بدرا وخرج يوم أحد فأصابته جراحة فمات. ولما رأى عمر أن ابنته تأيمت لقي عثمان بن عفان فعرضها عليه فقال عثمان: مالي في النساء حاجة.

فلقي عمر رضي الله عنه أبا بكر الصديق فعرضها عليه فسكت. فغضب عمر ووجد على أبي بكر. وانطلق عمر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فشكا إليه عثمان بن عفان، وكشف عما كان من أبي بكر بن أبي قحافة فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: يتزوج حفصة من هو خير من عثمان ويتزوج عثمان من هو خير من حفصة.
ثم خطب رسول الله حفصة فلقي أبو بكر عمر بن الخطاب فقال له: لا تجد علي في نفسك فإن رسول الله كان ذكر حفصة فلم أكن لأفشي سر رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو تركها لتزوجتها.

وتزوج عثمان بن عفان أم كلثوم بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وزواج النبي على حفصة سنة ثلاث من الهجرة.

وورد أن النبي صلى الله عليه وسلم طلق حفصة تطليقة، وقت حادثة التظاهر، ثم راجعها بأمر جبريل عليه السلام له بذلك، وقال: (
إنها صوامة قوامة وهي زوجتك في الجنة) .

ثم عادت إلى الأمن والسكينة والاطمئنان بعد أن عفا رسول صلى الله عليه وسلم عنها، وعندما مات الرسول الكريم وخلفه أبو بكر الصديق، كانت حفصة هي التي اختيرت من أمهات المؤمنين جميعا لتحفظ أول مصحف خطي للقرءان الكريم .

أقامت أم المؤمنين حفصة عاكفة على العبادة قوامة صوامة حتى ماتت في عهد معاوية بن أبي سفيان، فصلى عليها مروان بن الحكم وهو يومئذ عامل المدينة وتبعها مروان إلى البقيع حتى فرغ دفنها مع أمهات المؤمنين.

صـاحبة الهمه العالية .. والمحبـة الراقية .. والشوقِ المتزايد :
مـعاذه بنت عبد الله العدوية


من عابدات البصرة أحببن طاعة الله،
وتشوقن إلى لقائه كانت - رحمها الله -
عابدة زاهدة،. وعالمة متفقهة .

كانت إذا جاء النهار قالت: هذا يومي الذي أموت فيه، فما تنام..

حتى إذا جاء الليل قالت: هذه ليلتي التي أموت فيها فلا تنام حتى تصبح.

وإذا جاء البرد لبست ثيابا رقاقا حتى يمنعها البرد من النوم .

وكانت تحيي ليلتها بالصلاة، فإذا غلبها
النوم قامت فجالت في الدار وتقول:

يـانفس أمامك .. لو قدمت أطالت رقدتك
في القبر على حسره...

ثم لا تزال تدور الصباح تخاف الموت على
غفلة ونوم.. فكانت تصلي في اليوم
والليلة ستمائة ركعة وتقول:

عجبت لعين تنام وقد عرفت طول الرقاد
في ظُلَم القبور

وعن امرأة أرضعتها معاذة قالت: قالت لي معاذة:

يابنيه كوني من لقاء الله تعالى على حذر ورجاء، فإني رأيت الراجي محفوفا بحسن الزلفى لديه يوم يلقاه .. ورأيت الخائف له مؤملا له زمان يوم يقوم الناس لرب العاملين ثم بكت..

وكان زوجها كذلك طائعا ، حتى قال أبو السوار العدوي ذات يوم:

بنو عدي أشد أهل هذه البلدة اجتهاداً،
ففي ذات يوم قاتل ابنها غزاة حتى قتل،
فاجتمعت النساء عند معاذة العدوية لكي
يخففن عنها، ويشاطرنها الحزن .

فقالت لهن :

(مرحبا، إن كنتن جئتن تهنئنني فمرحباً
بكن، وإن كنتن جئتن لغير ذلك فارجعن. )


تقول أم الأسود بنت زيد، وكانت معاذة قد أرضعتها : قالت معاذة لما قتل أبو الصهباء (زوجها) :

و الله يابنيه ..ما محبتي للبقاء في الدنيا للذيذ عيش .. ولا لروح نسيم ..
ولكن والله أحب البقاء لأتقرب إلى ربي عز وجل بالوسائل ..لعله يجمع بيني وبين

أبو الصهباء و ولده في الجنه ...

وقالت : صحبت الدنيا سبعين سنه ..
ما رأيت فيها قرة عين قط..!!

رحم الله معاذة العدوية.

وروت معاذة عن عائشة أم المؤمنين وأم عمرو بنت عبد الله بن الزبير وهشام ابن عامر..

وروى عنها أبو قلابة وقتادة ويزيد الرشك وغيرهم وروى لها الجماعة، وذكرها ابن
حبان فى الثقات..

وتوفيت رحمها الله سنة 101هـ




إضافة رد


يشاهدون الموضوع : 1 ( عضو0 زائر 1)
 

الانتقال السريع