Close Menu
الساعة الآن 10:27 AM

منتديات ياكويت.

للتسجيل إضغط هنا

أدوات الموضوع
إضافة رد

Naser

:: عضو هام ::

بحث عن البعثه النبويه

السلام عليكم

[hide]
البعثة النبوية " 1 "
لقد بعثه الله تعالى على حين فترة من الرسل على رأس الأربعين من عمره فجاءه الوحي وهو يتعبد في غار حراء وهو الغار الذي في أعلى الجبل المسمى جبل النور شرقي شمال مكة على يمين الداخل إليها، فأول ما نزل عليه قوله: اقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الإنسان من علق اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم علم الإنسان مالم يعلم [العلق:1-5]. ثم ذهبت به خديجة إلى ورقة بن نوفل وكان ورقة قد دخل في دين النصارى وعرف الكتاب فأخبره النبي بما حصل له من الوحي، فقال: ورقة يا ليتني فيها جذعا يا ليتني أكون حيا إذ يخرجك قومك، فقال النبي : ((أو مخرجي هم)). استبعد أن يخرجه قومه من بلاده فقال: نعم لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلا عودي وإن يدركني يومك أنصرك نصرا مؤزرا ثم أنزل الله تعالى على رسوله بعد أن فتر الوحي مدة: يا أيها المدثر قم فأنذر وربك فكبر وثيابك فطهر والرجز فاهجر [المدثر:1-5]. فقام بأمر ربه فبشر وأنذر وكان أول من أجابه من غير أهل بيته أبو بكر وكان صديقا له قبل النبوة فلما دعاه بادر إلى التصديق به وقال بأبي وأمي أهل الصدق أنت أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله وصار من دعاة الإسلام حينئذ فأسلم على يديه عثمان بن عفان، والزبير بن العوام، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، وطلحة بن عبيد الله رضي الله عنهم ومكث يدعو الناس سرا حتى نزل قوله تعالى: فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين . فصدع بأمر الله تعالى وجهر بدعوته فجعلت قريش تسخر به وتستهزئ به ويؤذونه بالقول وبالفعل، وكان من أشد الناس إيذاء له وسخرية به عمه أبو لهب الذي قال الله فيه: تبت يدا أبي لهب وتب [المسد:1]. إلى آخر السورة حتى بلغ من إيذائهم له أن ألقوا عليه فرث الناقة وسلاها وهو ساجد فلم يقدر أحد على رفعه عنه فلم يزل ساجدا حتى جاءت ابنته فاطمة فألقته فلما رأى استهانة قريش به وشدة إيذائهم له ولأصحابه خرج إلى أهل الطائف يدعوهم فقابل رؤساءهم وعرض عليهم، فردوا عليه ردا قبيحا، وأرسلوا غلمانهم وسفهاءهم يقفون في وجهه ويرمونه بالحجارة حتى أدموا عقبه فرجع عنهم ومد يد الافتقار إلى ربه فدعا بدعاء الطائف المشهور: ((اللهم إني أشكو إليك ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس يا أرحم الراحمين أنت رب المستضعفين وأنت ربي إلى من تكلني إلى بعيد يتجهمني أم إلى عدو ملكته أمري إن لم يكن بك غضب علي فلا أبالي غير أن عافيتك أوسع لي أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة أن يحل علي غضبك أو أن ينزل بي سخطك لك العتبى حتى ترضى ولا حول ولا قوة إلا بك))، ثم قيض الله له الأنصار فبايعوه على عبادة الله وحده لا شريك له وأن يمنعوه إذا قدم عليهم مما يمنعون منه نساءهم وأبناءهم فأذن الله لرسوله بالهجرة إليهم فهاجر في شهر ربيع الأول بعد ثلاث عشرة سنة من مبعثه وكان بصحبته أبو بكر فاختفيا في غار ثور ثلاثة أيام والمشركون يطلبونهم من كل وجه حتى كانوا يقفون على الغار الذي فيه رسول الله وأبو بكر فيقول أبو بكر يا رسول الله لو نظر أحدهم إلى قدمه لأبصرنا فيقول رسول الله : ((لا تحزن إن الله معنا ما ظنك باثنين الله ثالثهما))، فلما سمع بذلك الأنصار جعلوا يخرجون كل يوم إلى حرة المدينة يستقبلون رسول الله حتى يردهم حر الظهيرة، فكان اليوم الذي قدم فيه رسول الله إليهم هو أنور يوم وأشرفه فاجتمعوا إلى رسول الله محيطين به متقلدين سيوفهم وخرج النساء والصبيان وكل واحد يأخذ بزمام ناقة رسول الله يريد أن يكون نزوله عنده وهو يقول دعوها فإنها مأمورة حتى إذا أتت محل مسجده اليوم بركت، فيذكر أنه لم ينزل فقامت فسارت غير بعيد ثم رجعت إلى مبركها أول مرة فبركت فيه ثم تحلحلت ورزمت ووضعت جرانها فنزل عنها رسول الله وسكن دار أبي أيوب الأنصاري حتى بنى مسجده ومساكنه، ثم بعد ذلك أذن الله له بقتال أعدائه الذين كانوا يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا وهم بالآخرة هم كافرون فأظهره الله عليهم وأيده بنصره وبالمؤمنين ولما أكمل الله به الدين وأتم به النعمة على المؤمنين اختاره الله لجواره واللحاق بالرفيق الأعلى من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين فابتدأ به المرض في آخر شهر صفر وأول شهر ربيع الأول فخرج إلى الناس عاصبا رأسه فصعد المنبر فتشهد وكان أول ما تكلم به بعد ذلك أن استغفر للشهداء الذين قُتلوا في أحد ثم قال: ((إن عبدا من عباد الله خيره الله بين الدنيا وبين ما عند الله فاختار ما عند الله))، ففهمها أبو بكر فبكى وقال : بأبي وأمي نفديك بآبائنا وأمهاتنا وأبنائنا وأنفسنا وأموالنا فقال النبي : على رسلك يا أبا بكر ثم قال : إن أمنّ الناس علي في صحبته وماله أبو بكر ولو كنت متخذا خليلا غير ربي لاتخذت أبا بكر ولكن خلة الإسلام ومودته وأمر أبا كبر أن يصلي بالناس، ولما كان يوم الاثنين الثاني عشر أو الثالث عشر من شهر ربيع الأول من السنة الحادية عشرة من الهجرة اختاره الله تعالى لجواره، فلما نزل به جعل يدخل يده في ماء عنده ويمسح به وجهه ويقول: لا إله إلا الله إن للموت سكرات ثم شخص بصره نحو السماء وقال: اللهم في الرفيق الأعلى فتوفي يوم الاثنين فاضطرب الناس عند ذلك وحق لهم أن يضطربوا حتى جاء أبو بكر فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أما بعد فإن من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت ثم قرأ: وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم [آل عمران:144]. إنك ميت وإنهم ميتون [الزمر:30]. فاشتد بكاء الناس وعرفوا أنه قد مات فغسل في ثيابه تكريما له ثم كفن وصلى الناس عليه أرسالا بدون إمام ثم دفن ليلة الأربعاء صلوات الله وسلامه عليه . أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين [آل عمران:144]. وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله كتابا مؤجلا ومن يرد ثواب الدنيا نؤته منها ومن يرد ثواب الآخرة نؤته منها وسنجزي الشاكرين [آل عمران:145].
البعثة النبوية " 2 "
قبل بعثة النبي الخاتم صلى الله عليه وسلم كانت البشرية تعيش في ضلالات الجهل والشرك والإلحاد ، وكانت العرب جزءاً من تلك البشرية الغارقة في الانحطاط ، والتي تحتاج إلى من ينقذها وينتشلها مما هي فيه .
كان الجهل فاشياً، والظلم جاثماً، والفوضى ضاربة بأطنابها في كل مكان، حقوق مسلوبة، وأعراض منتهكة، وحياة بغير نظام ولا قانون، ولا تشريع ولا تنظيم، سوى بعض العادات ، والأعراف القبلية .
كان الأمن مفقوداً ، والسلب والنهب أمراً معهوداً ، حياة لا أمان فيها ، ولا استقرار ، فالمقيم مهدد بالضرر، والمسافر في وجل وخطر .
كان القتل ، والنهب ، واعتداء القوي على الضعيف ، وكانت الحروب تنشأ لأتفه الأسباب ، فتزهق النفوس، وترمل النساء ، وييتم الأطفال .
في ظل هذه الظروف وتلك الأوضاع ، وبعد فترة من انقطاع الرسل بُعث النبي محمد صلى الله عليه وسلم، على رأس الأربعين من عمره ؛ حيث جاءه جبريل وهو في غار حراء بأول ما نزل من القرآن ، فقرأ عليه قوله تعالى : { اقرأ باسم ربك الذي خلق } (العلق :1) ، ثم توالى نزول القرآن - الكتاب الخاتم - وبدأ الرسول -صلى الله عليه وسلم- دعوته على مراتب خمس كما ذكر ذلك ابن القيم-رحمه الله- في كتابه "زاد المعاد" : المرتبة الأولى : النبوة ، والثانية : إنذار عشيرته الأقربين ، والثالثة : إنذار قومه ، والرابعة : إنذار قوم ما أتاهم من نذير من قبله ، وهم العرب قاطبة ، والخامسة : إنذار جميع من بلغته دعوته من الجن والإنس إلى آخر الدهر .
فقام بمكة ثلاث سنوات يدعو إلى الله سراً ، ثم جهر بالدعوة بعد نزول قول الله تعالى : { فاصدع بما تؤمرُ وأعرض عن المشركين } (الحِجِر :94).
لقد كانت بعثته -صلى الله عليه وسلم - رحمة للعالمين ، كما أخبر بذلك أصدق القائلين :{ وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين} (الأنبياء :107) ، وثبت عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قال : ( إنما أنا رحمة مهداة ) رواه الحاكم في "المستدرك" ، و البيهقي في شعب الإيمان ، وصححه الألباني .
فمن آمن به وصدقه ، فاز فوزاً عظيماً ، قال تعالى : {ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً }(الأحزاب :71) .
ومن أعرض عن هدايته فقد ضل ضلالاً بعيداً ، وخسر في الدنيا والآخرة ، قال تعالى : {ومن أعرض عن ذكري فإنَّ له معيشةً ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى} (طه :124).
كانت دعوته إلى الإيمان بالله وحده وعدم الشرك به ، وإلى الفضيلة والرشد ، وإلى الأمانة والصدق ، دعوة إلى الخير بكل أنواعه ، وتحذيراً من الشر بكل أصنافه .
إنَّ بعثته - صلى الله عليه وسلم- كانت ميلاداً جديداً للبشرية ، وتاريخاً عظيماً للإنسانية ، قال تعالى :{ قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً الذي له ملك السماوات والأرض لا إله إلا هو يحيي ويميت فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون} (الأعراف :158).
فببعثته كَمُلَ للبشرية دينها ، وتم للإنسانية نعيمها ، قال تعالى : {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا } (المائدة :3) .
فكان الإسلام هو الدين الذي ارتضاه الله لعباده جميعاً ، ولن يقبل الله من أحدٍ ديناً سواه ، قال تعالى:{ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين} (آل عمران : 85).

السيرة المختصرة
نسب النبي صلى الله عليه وسلم
محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نذار بن معد بن عدنان . إلى هنا معلوم الصحة . وما فوق عدنان مختلف فيه . ولا خلاف أن عدنان من ولد إسماعيل وإسماعيل هو الذبيح على القول الصواب . والقول بأنه إسحاق باطل .
ولا خلاف أنه صلى الله عليه وسلم ولد بمكة عام الفيل . وكانت وقعة الفيل تقدمة قدمها الله لنبيه وبيته وإلا فأهل الفيل نصارى أهل كتاب دينهم خير من دين أهل مكة . لأنهم عباد أوثان . فنصرهم الله نصرا لا صنع للبشر فيه تقدمة للنبي الذي أخرجته قريش من مكة . وتعظيما للبلد الحرام .

قصة الفيل

وكان سبب قصة أصحاب الفيل - على ما ذكر محمد بن إسحاق - أن أبرهة بن الصباح كان عاملا للنجاشي ملك الحبشة على اليمن فرأى الناس يتجهزون أيام الموسم إلى مكة - شرفها الله - فبنى كنيسة بصنعاء . وكتب إلى النجاشي " إني بنيت لك كنيسة لم يبن مثلها ، ولست منتهيا حتى أصرف إليها حج العرب " فسمع به رجل من بني كنانة فدخلها ليلا . فلطخ قبلتها بالعذرة . فقال أبرهة من الذي اجترأ على هذا ؟ قيل رجل من أهل ذلك البيت سمع بالذي قلت . فحلف أبرهة ليسيرن إلى الكعبة حتى يهدمها . وكتب إلى النجاشي يخبره بذلك فسأله أن يبعث إليه بفيله . وكان له فيل يقال له محمود لم ير مثله عظما وجسما وقوة . فبعث به إليه . فخرج أبرهة سائرا إلى مكة . فسمعت العرب بذلك فأعظموه ورأوا جهاده حقا عليهم .
فخرج ملك من ملوك اليمن ، يقال له ذو نفر . فقاتله . فهزمه أبرهة وأخذه أسيرا ، فقال أيها الملك فاستبقني خيرا لك ، فاستبقاه وأوثقه .
وكان أبرهة رجلا حليما . فسار حتى إذا دنا من بلاد خثعم خرج إليه نفيل بن حبيب الخثعمي ، ومن اجتمع إليه من قبائل العرب . فقاتلوهم فهزمهم أبرهة . فأخذ نفيلا ، فقال له أيها الملك إنني دليلك بأرض العرب ، وهاتان يداي على قومي بالسمع والطاعة . فاستبقني خيرا لك . فاستبقاه . وخرج معه يدله على الطريق .
فلما مر بالطائف خرج إليه مسعود بن معتب في رجال من ثقيف . فقال له أيها الملك نحن عبيدك . ونحن نبعث معك من يدلك . فبعثوا معه بأبي رغال مولى لهم . فخرج حتى إذا كان بالمغمس مات أبو رغال ، وهو الذي يرجم قبره . وبعث أبرهة رجلا من الحبشة - يقال له الأسود بن مفصود - على مقدمة خيله وأمر بالغارة على نعم الناس . فجمع الأسود إليه أموال الحرم . وأصاب لعبد المطلب مائتي بعير .
ثم بعث رجلا من حمير إلى أهل مكة ، فقال أبلغ شريفها أنني لم آت لقتال بل جئت لأهدم البيت . فانطلق فقال لعبد المطلب ذلك .
فقال عبد المطلب : ما لنا به يدان . سنخلي بينه وبين ما جاء له . فإن هذا بيت الله وبيت خليله إبراهيم . فإن يمنعه فهو بيته وحرمه . وأن يخل بينه وبين ذلك فوالله ما لنا به من قوة .
قال فانطلق معي إلى الملك - وكان ذو نفر صديقا لعبد المطلب - فأتاه فقال يا ذا نفر هل عندك غناء فيما نزل بنا ؟ فقال ما غناء رجل أسير لا يأمن أن يقتل بكرة أو عشيا ، ولكن سأبعث إلى أنيس سائس الفيل فإنه لي صديق فأسأله أن يعظم خطرك عند الملك .
فأرسل إليه فقال لأبرهة إن هذا سيد قريش يستأذن عليك . وقد جاء غير ناصب لك ولا مخالف لأمرك ، وأنا أحب أن تأذن له .
وكان عبد المطلب رجلا جسيما وسيما . فلما رآه أبرهة أعظمه وأكرمه . وكره أن يجلس معه على سريره . وأن يجلس تحته . فهبط إلى البساط فدعاه فأجلسه معه . فطلب منه أن يرد عليه مائتي البعير التي أصابها من ماله .
فقال أبرهة لترجمانه قل له إنك كنت أعجبتني حين رأيتك . ولقد زهدت فيك . قال لم ؟ قال جئت إلى بيت - هو دينك ودين آبائك ، وشرفكم وعصمتكم - لأهدمه . فلم تكلمني فيه وتكلمني في مائتي بعير ؟ قال أنا رب الإبل . والبيت له رب يمنعه منك .
فقال ما كان ليمنعه مني . قال فأنت وذاك . فأمر بإبله فردت عليه . ثم خرج وأخبر قريشا الخبر . وأمرهم أن يتفرقوا في الشعاب ويتحرزوا في رءوس الجبال خوفا عليهم من معرة الجيش . ففعلوا . وأتى عبد المطلب البيت . فأخذ بحلقة الباب وجعل يقول
يا رب لا أرجو لهم سواكا
يا رب فامنع منهمو حماكا
إن عدو البيت من عاداكا
فامنعهمو أن يخربوا قراكا

وقال أيضا :
لا هم إن المرء يمنع رحله
وحلاله فامنع حلالك
لا يغلبن صليبهم
ومحالهم غدوا محالك
جروا جموعهم وبلادهم
والفيل كي يسبوا عيالك
إن كنت تاركهم وكعب
تنا فأمر ما بدا لك

ثم توجه في بعض تلك الوجوه مع قومه . وأصبح أبرهة بالمغمس قد تهيأ للدخول . وعبأ جيشه . وهيأ فيه . فأقبل نفيل إلى الفيل . فأخذ بأذنه . فقال ابرك محمود . فإنك في بلد الله الحرام . فبرك الفيل فبعثوه فأبى . فوجهوه إلى اليمن ، فقام يهرول . ووجهوه إلى الشام ففعل مثل ذلك . ووجهوه إلى المشرق ففعل ذلك . فصرفوه إلى الحرم فبرك . وخرج نفيل يشتد حتى صعد الجبل فأرسل الله طيرا من قبل البحر مع كل طائر ثلاثة أحجار . حجرين في رجليه وحجرا في منقاره . فلما غشيت القوم أرسلتها عليهم . فلم تصب تلك الحجارة أحدا إلا هلك . وليس كل القوم أصابت . فخرج البقية هاربين يسألون عن - 36 - نفيل ليدلهم على الطريق إلى اليمن . فماج بعضهم في بعض . يتساقطون بكل طريق ويهلكون على كل منهل . وبعث الله على أبرهة داء في جسده . فجعلت تساقط أنامله حتى انتهى إلى صنعاء وهو مثل الفرخ . وما مات حتى انصدع صدره عن قلبه ثم هلك .

وفاة عبد الله والد رسول الله
قد اختلف في وفاة أبيه هل توفي بعد ولادته أو قبلها ؟ الأكثر على أنه توفي وهو حمل . ولا خلاف أن أمه ماتت بين مكة والمدينة بالأبواء منصرفها من المدينة من زيارة أخواله . ولم يستكمل إذ ذاك ست سنين .
فكفله جده عبد المطلب . ورق عليه رقة لم يرقها على أولاده . فكان لا يفارقه . وما كان أحد من ولده يجلس على فراشه - إجلالا له - إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وقدم مكة قوم من بني مدلج من القافة . فلما نظروا إليه قالوا لجده احتفظ به . فلم نجد قدما أشبه بالقدم الذي في المقام من قدمه . فقال لأبي طالب اسمع ما يقول هؤلاء واحتفظ به .
وتوفي جده في السنة الثامنة من مولده . وأوصى به إلى أبي طالب . وقيل إنه قال له
أوصيك يا عبد مناف بعدي
بمفرد بعد أبيه فرد
وكنت كالأم له في الوجد
تدنيه من أحشائها والكبد
فأنت من أرجى بني عندي
لرفع ضيم ولشد عضد

عبد المطلب جد رسول الله
قال ابن إسحاق : وكان عبد المطلب من سادات قريش ، محافظا على العهود . متخلقا بمكارم الأخلاق . يحب المساكين ويقوم في خدمة الحجيج ويطعم في الأزمات . ويقمع الظالمين . وكان يطعم حتى الوحوش والطير في رءوس الجبال . وكان له أولاد أكبرهم الحارث . توفي في حياة أبيه . وأسلم من أولاد الحارث عبيدة . قتل ببدر وربيعة ، وأبو سفيان وعبد الله .
ومنهم الزبير بن عبد المطلب شقيق عبد الله . وكان رئيس بني هاشم وبني المطلب في حرب الفجار . شريفا شاعرا . ولم يدرك الإسلام . واسم من أولاده عبد الله . واستشهد بأجنادين . وضباعة ومجل وصفية وعاتكة .
وأسلم منهم حمزة بن عبد المطلب ، والعباس .
ومنهم أبو لهب مات عقيب بدر . وله من الولد عتيبة الذي دعا عليه النبي صلى الله عليه وسلم فقتله السبع . وله عتبة ومعتب . أسلما يوم الفتح . ومن بناته أروى . تزوجها كرز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس . فولدت له عامرا وأروى . فتزوج أروى عفان بن أبي العاص بن أمية . فولدت له عثمان ثم خلف عليها عقبة بن أبي معيط ، فولدت له الوليد بن عقبة ، وعاشت إلى خلافة ابنها عثمان .
ومنهن برة بنت عبد المطلب ، أم أبي سلمة بن عبد الأسد المخزومي .
ومنهن عاتكة أم عبد الله بن أبي أمية . وهي صاحبة المنام قبل يوم بدر . واختلف في إسلامها .
ومنهن صفية أم الزبير بن العوام . أسلمت وهاجرت .
وأروى أم آل جحش - عبد الله وأبي أحمد وعبيد الله وزينب وحمنة .
وأم عبد المطلب : هي سلمى بنت زيد من بني النجار ، تزوجها أبوه هاشم بن عبد مناف . فخرج إلى الشام - وهي عند أهلها ، وقد حملت بعبد المطلب - فمات بغزة . فرجع أبو رهم بن عبد العزى وأصحابه إلى المدينة بتركته . وولدت امرأته سلمى : عبد المطلب . وسمته شيبة الحمد . فأقام في أخواله مكرما . فبينما هو يناضل الصبيان فيقول أنا ابن هاشم سمعه رجل من قريش ، فقال لعمه المطلب إني مررت بدور بني قيلة فرأيت غلاما يعتزي إلى أخيك . وما ينبغي ترك مثله في الغربة . فرحل إلى المدينة في طلبه . فلما رآه فاضت عيناه وضمه إليه وأنشد شعرا :
عرفت شيبة والنجار قد جعلت
أبناءها حوله بالنبل تنتصل
عرفت أجلاده فينا وشيمته
ففاض مني عليه وابل هطل

فأردفه على راحلته فقال يا عم ذلك إلى الوالدة . فجاء إلى أمه . فسألها أن ترسل به معه فامتنعت . فقال لها : إنما يمضي إلى ملك أبيه وإلى حرم الله . فأذنت له . فقدم به مكة ، فقال الناس هذا عبد المطلب . فقال ويحكم إنما هو ابن أخي هاشم .
فأقام عنده حتى ترعرع . فسلم إليه ملك هاشم من أمر البيت والرفادة والسقاية وأمر الحجيج وغير ذلك .
وكان المطلب شريفا مطاعا جوادا ، وكانت قريش تسميه الفياض لسخائه . وهو الذي عقد الحلف بين قريش وبين النجاشي . وله من الولد الحارث ومخرمة وعباد وأنيس وأبو عمر وأبو رهم وغيرهم .
ولما مات وثب نوفل بن عبد مناف على أركاح شيبة . فغصبه إياها ، فسأل رجالا من قريش النصرة على عمه . فقالوا : لا ندخل بينك وبين عمك فكتب إلى أخواله من بني النجار أبياتا معها :
يا طول ليلي لأحزاني وإشغالي
هل من رسول إلى النجار أخوالي ؟
بني عدي ودينار ومازنها
ومالك عصمة الحيران عن حالي
قد كنت فيهم وما أخشى ظلامة ذي
ظلم عزيزا منيعا ناعم البال
حتى ارتحلت إلى قومي ، وأزعجني
لذاك مطلب عمي بترحالي
فغاب مطلب في قعر مظلمة
ثم انبرى نوفل يعدو على مالي
لما رأى رجلا غابت عمومته
وغاب أخواله عنه بلا والي
فاستنفروا وامنعوا ضيم ابن أختكم
لا تخذلوه فما أنتم بجذالي

فلما وقف خاله أبو سعد بن عدي بن النجار على كتابه بكى . وسار من المدينة في ثمانين راكبا ، حتى قدم مكة . فنزل بالأبطح فتلقاه عبد المطلب ، وقال المنزل يا خال . فقال لا والله حتى ألقى نوفلا . فقال تركته بالحجر جالسا في مشايخ قومه . فأقبل أبو سعد حتى وقف عليهم فقام نوفل قامئا ، فقال يا أبا سعد أنعم صباحا . فقال لا أنعم الله لك صباحا ، وسل سيفه . وقال ورب هذا البيت لئن لم ترد على ابن أختي أركاحه لأمكنن منك هذا السيف . فقال رددتها عليه . فأشهد عليه مشايخ قريش . ثم نزل على شيبة فأقام عنده ثلاثا . ثم اعتمر ورجع إلى المدينة . فقال عبد المطلب :
ويأبى مازن وأبو عدي
ودينار بن تيم الله ضيمي
بهم رد الإله علي ركحي
وكانوا في انتساب دون قومي

فلما جرى ذلك حالف نوفل بني عبد شمس بن عبد مناف على بني هاشم وحالفت بنو هاشم : خزاعة على بني عبد شمس ونوفل . فكان ذلك سببا لفتح مكة . كما سيأتي .
فلما رأت خزاعة نصر بني النجار لعبد المطلب قالوا : نحن ولدناه كما ولدتموه فنحن أحق بنصره . وذلك أن أم عبد مناف منهم . فدخلوا دار الندوة وتحالفوا وكتبوا بينهم كتابا

بو طالب عم رسول الله
وأما أبو طالب فهو الذي يتولى تربية رسول الله صلى الله عليه وسلم من بعد جده كما تقدم ورق عليه رقة شديدة . وكان يقدمه على أولاده .
قال الواقدي : قام أبو طالب - من سنة ثمان من مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السنة العاشرة من النبوة ثلاث وأربعين - يحوطه ويقوم بأمره ويذب عنه . ويلطف به .
وقال أبومحمد بن قدامة : كان يقر بنبوة النبي صلى الله عليه وسلم . وله في ذلك أشعار . منها :
ألا أبلغا عني على ذات بيننا
لؤيا . وخصا من لؤي بني كعب
بأنا وجدنا في الكتاب محمدا
نبيا كموسى ، خط في أول الكتب
وأن عليه في العباد محبة
ولا خير ممن خصه الله بالحب

ومنها :
تعلم خيار الناس أن محمدا
وزيرا لموسى والمسيح ابن مريم
فلا تجعلوا لله ندا وأسلموا
فإن طريق الحق ليس بمظلم

ولكنه أبى أن يدين بذلك خشية العار . ولما حضرته الوفاة . دخل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية - فقال يا عم قل لا إله إلا الله كلمة أحاج لك بها عند الله فقالا له أترغب عن ملة عبد المطلب ؟ فلم يزل صلى الله عليه وسلم يرددها عليه وهما يرددان عليه حتى كان آخر كلمة قالها هو على ملة عبد المطلب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأستغفرن لك ما لم أنه عنك فأنزل الله تعالى ( 9 : 113 ) ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم ونزل قوله تعالى ( 38 : 56 ) إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء - الآية .
قال ابن إسحاق : وقد رثاه ولده علي بأبيات منها :
أرقت لطير آخر الليل غردا
يذكرني شجوا عظيما مجددا
أبا طالب مأوى الصعاليك ذا الندى
جوادا إذا ما أصدر الأمر أوردا
فأمست قريش يفرحون بموته
ولست أرى حيا يكون مخلدا
أرادوا أمورا زيفتها حلومهم
ستوردهم يوما من الغي موردا
يرجون تكذيب النبي وقتله
وأن يفترى قدما عليه ويجحدا
كذبتم وبيت الله حتى نذيقكم
صدور العوالي والحسام المهندا

خلف أبو طالب أربعة ذكور وابنتين . فالذكور طالب وعقيل وجعفر وعلي ، وبين كل واحد عشر سنين . فطالب أسنهم ثم عقيل ثم جعفر ثم علي .
فأما طالب فأخرجه المشركون يوم بدر كرها . فلما انهزم الكفار طلب فلم يوجد في القتلى ، ولا في الأسرى ، ولا رجع إلى مكة ، وليس له عقب .
وأما عقيل فأسر ذلك اليوم . ولم يكن له مال . ففداه عمه العباس . ثم رجع إلى مكة . فأقام بها إلى السنة الثامنة . ثم هاجر إلى المدينة . فشهد مؤتة مع أخيه جعفر . وهو الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم وهل ترك لنا عقيل من منزل ؟ واستمرت كفالة أبي طالب لرسول الله صلى الله عليه وسلم - كما ذكرنا -
فلما بلغ اثنتي عشرة سنة - وقيل تسعا خرج به أبو طالب إلى الشام في تجارة فرآه بحيري الراهب وأمر عمه أن لا يقدم به إلى الشام ، خوفا عليه من اليهود . فبعثه عمه مع بعض غلمانه إلى المدينة .
ووقع في الترمذي " أنه بعث معه بلالا " وهو غلط واضح . فإن بلالا إذ ذلك لعله لم يكن موجودا


بناء الكعبة
ولما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسا وثلاثين سنة قامت قريش في بناء الكعبة حين تضعضعت .
قال أهل السير كان أمر البيت - بعد إسماعيل عليه السلام - إلى ولده ثم غلبت جرهم عليه . فلم يزل في أيديهم حتى استحلوا حرمته . وأكلوا ما يهدى إليه . وظلموا من دخل مكة ثم وليت خزاعة البيت بعدهم إلا أنه كان إلى قبائل من مضر ثلاث خلال-
الإجازة بالناس من عرفة يوم الحج إلى مزدلفة ، تجيزهم صوفة .
والثانية الإفاضة من جمع ، غداة النحر إلى منى . وكان ذلك إلى يزيد بن عدوان ، وكان آخر من ولي ذلك منهم أبو سيارة .
والثالثة إنساء الأشهر الحرم . وكان إلى رجل من بني كنانة يقال له حذيفة ثم صار إلى جنادة بن عوف .
قال ابن إسحاق : ولما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسا وثلاثين سنة جمعت قريش لبنيان الكعبة . وكانوا يهمون بذلك ليسقفوها ، ويهابون هدمها ، وإنما كانت رضما فوق القامة فأرادوا رفعها وتسقيفها . وذلك أن قوما سرقوا كنز الكعبة وكان في بئر في جوف الكعبة . وكان البحر قد رمى سفينة إلى جدة لرجل من تجار الروم ، فتحطمت . فأخذوا خشبها فأعدوه لسقفها .
وكان بمكة رجل قبطي نجار . فهيأ لهم بعض ما كان يصلحها . وكانت حية تخرج من بئر الكعبة التي كان يطرح فيه ما يهدى لها كل يوم فتتشرق على جدار الكعبة ، وكانت مما يهابون . وذلك أنه كان لا يدنو منها أحد إلا اخزألت وكشت وفتحت فاها . فبينما هي ذات يوم تتشرق على جدار الكعبة ، بعث الله إليها طائرا فاختطفها . فذهب بها . فقالت قريش : إنا لنرجو أن يكون الله قد رضي ما أردنا . عندنا عامل رفيق وعندنا خشب . وقد كفانا الله الحية .
فلما أجمعوا أمرهم في هدمها وبنائها : قام أبو وهب بن عمرو بن عائذ المخزومي فتناول من الكعبة حجرا . فوثب من يده حتى رجع إلى موضعه فقال يا معشر قريش ، لا تدخلوا في بنيانها من كسبكم إلا طيبا ، لا يدخل فيها مهر بغي ولا بيع ربا . ولا مظلمة أحد من الناس .
ثم إن قريشا تجزأت الكعبة . فكان شق الباب لبني عبد مناف وزهرة . وما بين الركن الأسود واليماني - 44 - لبني مخزوم . وقبائل من قريش انضافت إليهم . وكان ظهر الكعبة : لبني جمح وبني سهم . وكان شق الحجر : لبني عبد الدار ولبني أسد بن عبد العزى ، ولبني عدي . وهو الحطيم .
ثم إن الناس هابوا هدمها . فقال الوليد بن المغيرة : أنا أبدؤكم في هدمها ، فأخذ المعول . ثم قام عليها . وهو يقول اللهم لا ترع - أو لم نزغ - اللهم إنا لا نريد إلا الخير . ثم هدم من ناحية الركنين . فتربص الناس تلك الليلة . وقالوا : إن أصيب لم نهدم منها شيئا . ورددناها كما كانت وإلا فقد رضي الله ما صنعنا . فأصبح الوليد من ليلته غاديا على عمله . فهدم وهدم الناس معه .
حتى إذا انتهى الهدم بهم إلى الأساس - أساس إبراهيم عليه السلام - أفضوا إلى حجارة خضر كالأسنة أخذ بعضها بعضا . فأدخل بعضهم عتلة بين حجرين منها ليقلع أحدهما . فلما تحرك الحجر : انتفضت مكة بأسرها . فانتهوا عند ذلك الأساس .
ثم إن القبائل من قريش جمعت الحجارة لبنائها ، كل قبيلة تجمع على حدة . ثم بنوها . حتى بلغ البنيان موضع الحجر الأسود . فاختصموا فيه كل قبيلة تريد أن ترفعه إلى موضعه حتى تحاوروا وتخالفوا وأعدوا للقتال فقربت بنو عبد الدار جفنة مملوءة دما . تعاهدوا - هم وبنو عدي بن كعب - على الموت وأدخلوا أيديهم في ذلك الدم . فسموا " لعقة الدم " فمكثت قريش على ذلك أربع ليال . أو خمسا .
ثم إنهم اجتمعوا في المسجد . فتشاوروا وتناصفوا .
فزعم بعض أهل الرواية أن أبا أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم المخزومي - وكان يومئذ أسن قريش كلهم - قال اجعلوا بينكم أول من يدخل من باب المسجد . ففعلوا . فكان أول من دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم . فلما رأوه قالوا " هذا الأمين رضينا به هذا محمد " فلما انتهى إليهم أخبروه الخبر . فقال صلى الله عليه وسلم هلم إلي ثوبا " فأتي به . فأخذ الركن فوضعه فيه بيده . ثم قال لتأخذ كل قبيلة بناحية من الثوب . ثم ارفعوا جميعا " ففعلوا ، حتى إذا بلغوا به موضعه وضعه هو بيده صلى الله عليه وسلم ثم بنى عليه .
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينقل معهم الحجارة . وكانوا يرفعون أزرهم على عواتقهم ففعل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فلبط به - أي طاح على وجهه - ونودي " استر عورتك " فما رئيت له عورة بعد ذلك .
فلما بلغوا خمسة عشر ذراعا سقفوه على ستة أعمدة .
وكان البيت يكسى القباطي . تم كسي البرود . وأول من كساه الديباج الحجاج بن يوسف .
وأخرجت قريش الحجر لقلة نفقتهم . ورفعوا بابها عن الأرض لئلا يدخلها إلا من أرادوا . وكانوا إذا أرادوا أن لا يدخلها أحد لا يريدون دخوله تركوه حتى يبلغ الباب ثم يرمونه .
فلما بلغ صلى الله عليه وسلم أربعين سنة بعثه الله بشيرا ونذيرا . وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا .


بدء الوحي
في الصحيح عن عائشة رضي الله عنها قالت أول ما بدئ برسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصادقة . فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح ثم حبب إليه الخلاء . فكان يخلو بغار حراء ، فيتحنث فيه - وهو التعبد - الليالي ذوات العدد . قبل أن ينزع إلى أهله . ويتزود لذلك . ثم يرجع إلى خديجة فيتزود لمثلها ، حتى فجأه الحق ، وهو في غار حراء ، فجاءه الملك فقال اقرأ فقلت : ما أنا بقارئ . قال فأخذني فغطني ، حتى بلغ مني الجهد . ثم أرسلني . فقال اقرأ فقلت : ما أنا بقارئ . فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني . فقال اقرأ . فقلت : ما أنا بقارئ . فأخذني فغطني الثالثة . تم أرسلني ، فقال لي في الثالثة اقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الإنسان من علق اقرأ وربك الأكرم فرجع بها رسول الله صلى الله عليه وسلم يرجف فؤاده حتى دخل على خديجة بنت خويلد . فقال زملوني ، زملوني ، فزملوه حتى ذهب عنه الروع . فقال لخديجة - وأخبرها الخبر - لقد خشيت على نفسي . فقالت خديجة كلا والله ما يخزيك الله أبدا . إنك لتصل الرحم وتحمل الكل وتقري الضيف وتكسب المعدوم وتعين على نوائب الحق . فانطلقت به خديجة حتى أتت به ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى - ابن عم خديجة - وكان قد تنصر في الجاهلية . وكان يكتب الكتاب العبراني . فيكتب من الإنجيل بالعبرانية ما شاء الله أن يكتب وكان شيخا كبيرا قد عمي . فقالت له خديجة يا ابن عم اسمع من ابن أخيك . فقال له ورقة يا ابن أخي ، ماذا ترى ؟ فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم خبر ما رأى . فقال له ورقة هذا الناموس الذي أنزل الله على موسى ، يا ليتني فيها جذعا ، ليتني أكون حيا إذ يخرجك قومك ؟ قال أو مخرجي هم ؟ قال نعم لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلا عودي . وإن يدركني يومك أنصرك نصرا مؤزرا ثم أنشد ورقة
لججت ، وكنت في الذكرى لجوجا
لهم طالما بعث النشيجا
ووصف من خديجة بعد وصف
فقد طال انتظاري يا خديجا
ببطن المكتين على رجائي
حديثك أن أرى منه خروجا
بما خبرتنا من قول قس
من الرهبان أكره أن يعوجا
بأن محمدا سيسود قوما
ويخصم من يكون له حجيجا
ويظهر في البلاد ضياء نور
يقيم به البرية أن تموجا
فيلقى من يحاربه خسارا
ويلقى من يسالمه فلوجا
فيا ليتي إذا ما كان ذا كم
شهدت وكنت أولهم ولوجا
ولوجا بالذي كرهت قريش
ولو عجت بمكتها عجيجا
أرجي بالذي كرهوا جميعا
إلى ذي العرش - إن سفلوا - عروجا
وهل أمر السفالة غير كفر
بمن يختار من سمك البروجا
فإن يبقوا وأبق تكن أمور
يضج الكافرون لها ضجيجا
وإن أهلك فكل فتى سيلقى
من الأقدار متلفة خروجا

فلم يلبث ورقة أن توفي وفتر الوحي حتى حزن رسول الله صلى الله عليه وسلم حزنا شديدا . حتى كان يذهب إلى رءوس شواهق الجبال يريد أن يلقي بنفسه منها ، كلما أوفى بذروة جبل تبدى له جبريل عليه السلام ، فقال " يا محمد إنك رسول الله حقا " فيسكن لذلك جأشه وتقر نفسه فيرجع فإذا طال عليه فترة الوحي غدا لمثل ذلك فإذا أوفى بذروة تبدى له جبريل فيقول له ذلك . فبينما هو يوما يمشي إذ سمع صوتا من السماء . قال " فرفعت بصري . فإذا الملك الذي جاءني بحراء جالس على كرسي بين السماء والأرض فرعبت منه فرجعت إلى أهلي ، فقلت : دثروني . دثروني . فأنزل الله ( 73 : 1 ، 2 ) يا أيها المدثر قم فأنذر فحمي الوحي وتتابع "

أول من آمن
ولما دعا إلى الله استجاب له عباد من كل قبيلة . فكان حائز السبق صديق الأمة أبا بكر رضي الله عنه . فوازره في دين الله . ودعا معه إلى الله . فاستجاب لأبي بكر عثمان وطلحة وسعد رضي الله عنهم .
وبادر إلى استجابته أيضا صديقة النساء خديجة رضي الله عنها . وبادر إلى الإسلام علي بن أبي طالب رضي الله عنه . وكان ابن ثمان سنين وقيل أكثر إذ كان في كفالة رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذه من عمه .


الهجرة الأولى إلى الحبشة
وفي السنة الخامسة أمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بالهجرة إلى الحبشة لما اشتد عليهم العذاب والأذى . وقال إن فيها رجلا لا يظلم الناس عنده
وكانت الحبشة متجر قريش . وكان أهل هذه الهجرة الأولى : اثني عشر رجلا وأربع نسوة . وكان أول من هاجر إليها : عثمان بن عفان رضي الله عنه ومعه زوجته رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم . وستر قوم إسلامهم .
وممن خرج الزبير وعبد الرحمن بن عوف وابن مسعود وأبو سلمة وامرأته رضي الله عنهم . خرجوا متسللين سرا ، فوفق الله لهم ساعة وصولهم إلى الساحل سفينتين للتجار . فحملوهم إلى الحبشة . وخرجت قريش في آثارهم حتى جاءوا البحر . فلم يدركوا منهم أحدا . وكان خروجهم في رجب . فأقاموا بالحبشة شعبان ورمضان . ثم رجعوا إلى مكة في شوال لما بلغهم أن قريشا صافوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وكفوا عنه .
وكان سبب ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ سورة النجم . فلما بلغ ( 53 : 18 ، 19 ) أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى ألقى الشيطان على لسانه تلك الغرانيق العلى وإن شفاعتهن لترتجى فقال المشركون ما ذكر آلهتنا بخير قبل اليوم . وقد علمنا أن الله يخلق ويرزق ويحيي ويميت ولكن آلهتنا تشفع عنده . فلما بلغ السجدة سجد وسجد معه المسلمون والمشركون كلهم . إلا شيخا من قريش . رفع إلى جبهته كفا من حصى فسجد عليه . وقال يكفيني هذا . فحزن النبي صلى الله عليه وسلم حزنا شديدا ، وخاف من الله خوفا عظيما ، فأنزل الله ( 22 : 52 - 55 ) وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله آياته - الآيات ولما استمر النبي صلى الله عليه وسلم على سب آلهتهم عادوا إلى شر مما كانوا عليه وازدادوا شدة على من أسلم .

--------------------------------------------------------------------------------

الهجرة الثانية إلى الحبشة
فلما قرب مهاجرة الحبشة من مكة ، وبلغهم أمرهم توقفوا عن الدخول . ثم دخل كل رجل في جوار رجل من قريش . ثم اشتد عليهم البلاء والعذاب من قريش وسطت بهم عشائرهم وصعب عليهم ما بلغهم عن النجاشي من حسن جواره . فأذن لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخروج إلى الحبشة مرة ثانية . فخرجوا .
وكان عدة من خرج في المرة الثانية ثلاثة وثمانين رجلا - إن كان فيهم عمار ابن ياسر - ومن النساء تسعة عشر امرأة .
فلما سمعوا بمهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة : رجع منهم ثلاثة وثلاثون رجلا ، ومن النساء ثمان . ومات منهم رجلان بمكة . وحبس سبعة . وشهد بدرا منهم أربعة وعشرون رجلا .

إسلام حمزة بن عبد المطلب
وفي السنة السادسة أسلم حمزة بن عبد المطلب وعمر .
قال ابن إسحاق : مر أبو جهل برسول الله صلى الله عليه وسلم عند الصفا : فآذاه ونال منه ورسول الله صلى الله عليه وسلم ساكت . فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم ودخل المسجد . وكانت مولاة لعبد الله بن جعدان في مسكن لها على الصفا ، تسمع ما يقول أبو جهل . وأقبل حمزة من القنص متوشحا قوسه . وكان يسمى : أعز قريش . فأخبرته مولاة ابن جدعان بما سمعت من أبي جهل . فغضب . ودخل المسجد - وأبو جهل جالس في نادي قومه - فقال له حمزة يا مصفر استه . تشتم ابن أخي وأنا على دينه ؟ ثم ضربه بالقوس فشجه موضحة . فثار رجال من بني مخزوم . وثار بنو هاشم . فقال أبو جهل دعوا أبا عمارة . فإني سببت ابن أخيه سبا قبيحا . فعلمت قريش أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد عز . فكفوا عنه بعض ما كانوا ينالون منه .

--------------------------------------------------------------------------------

إسلام عمر رضي الله عنه
وعن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اللهم أعز الإسلام بأحب الرجلين إليك : إما عمر بن الخطاب . أو أبي جهل بن هشام فكان أحبهما إلى الله عمر رضي الله عنه .
وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما : أنه قال لعمر رضي الله عنه لم سميت الفاروق ؟ فقال أسلم حمزة قبلي بثلاثة أيام . ثم شرح الله صدري للإسلام . وأول شيء سمعته من القرآن ووقر في صدري ( 20 : 8 ) الله لا إله إلا هو له الأسماء الحسنى فما في الأرض نسمة أحب إلي من نسمة رسول الله صلى الله عليه وسلم . فسألت عنه ؟ فقيل لي : هو في دار الأرقم . فأتيت الدار - وحمزة في أصحابه جلوسا في الدار . ورسول الله صلى الله عليه وسلم في البيت - فضربت الباب فاستجمع القوم . فقال لهم حمزة ما لكم ؟ فقالوا : عمر فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم . فأخذ بمجامع ثيابي . ثم نترني نترة لم أتمالك أن وقعت على ركبتي . فقال ما أنت بمنته يا عمر ؟ فقلت : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأنك رسول الله فكبر أهل الدار تكبيرة سمعها أهل المسجد . فقلت : يا رسول الله ألسنا على الحق إن متنا أو حيينا ؟ قال بلى . فقلت : ففيم الاختفاء ؟ والذي بعثك بالحق لتخرجن ، فخرجنا في صفين . حمزة في صف . وأنا في صف - له كديد ككديد الطحن - حتى دخلنا المسجد . فلما نظرت إلينا قريش أصابتهم كآبة لم يصبهم مثلها قط . فسماني رسول الله صلى الله عليه وسلم الفاروق .
وقال صهيب لما أسلم عمر رضي الله عنه جلسنا حول البيت حلقا ، فطفنا واستنصفنا مما غلظ علينا .

حماية أبي طالب لرسول الله
ولما رأت قريش أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يتزايد أمره ويقوى ، ورأوا ما صنع أبو طالب به . مشوا إليه بعمارة بن الوليد . فقالوا : يا أبا طالب ، هذا أنهد فتى في قريش وأجمله . فخذه وادفع إلينا هذا الذي خالف دينك ودين آبائك فنقتله فإنما هو رجل برجل . فقال بئسما تسومونني ، تعطوني ابنكم أربيه لكم وأعطيكم ابني تقتلونه ؟ فقال المطعم بن عدي بن نوفل : يا أبا طالب قد أنصفك قومك ، وجهدوا على التخلص منك بكل طريق . قال والله ما أنصفتموني ، ولكنك أجمعت على خذلاني . فاصنع ما بدا لك .
وقال أشراف مكة لأبي طالب إما أن تخلي بيننا وبينه فنكفيكه . فإنك على مثل ما نحن عليه أو أجمع لحربنا . فإنا لسنا بتاركي ابن أخيك على هذا ، حتى نهلكه أو يكف عنا ، فقد طلبنا التخلص من حربك بكل ما نظن أنه يخلص . فبعث أبو طالب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له يا ابن أخي ، إن قومك جاءوني ، وقالوا كذا وكذا ، فأبق علي وعلى نفسك ، ولا تحملني ما لا أطيق أنا ولا أنت . فاكفف عن قومك ما يكرهون من قولك . فقال صلى الله عليه وسلم والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري ، ما تركت هذا الأمر حتى يظهره الله أو أهلك في طلبه فقال امض على أمرك ، فوالله لا أسلمك أبدا ودعا أبو طالب أقاربه إلى نصرته فأجابه بنو هاشم وبنو المطلب ، غير أبي لهب ، وقال أبو طالب
والله لن يصلوا إليك بجمعهم
حتى أوسد في التراب دفينا
فاصدع بأمرك ما عليك غضاضة
وأبشر وقر بذاك منك عيونا
ودعوتني ، وعرفت أنك ناصحي
ولقد صدقت ، وكنت ثم أمينا
وعرضت دينا قد عرفت بأنه
من خير أديان البرية دينا
لولا الملامة أو حذار مسبة
لوجدتني سمحا بذاك مبينا

--------------------------------------------------------------------------------

موت خديجة وأبي طالب
وماتت خديجة أم المؤمنين رضي الله عنها بعد موت أبي طالب بأيام . فاشتد البلاء على رسول الله صلى الله عليه وسلم من قومه بعد موت خديجة وعمه وتجرءوا عليه وكاشفوه بالأذى . وأرادوا قتله . فمنعهم الله من ذلك .
قال عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما " حضرتهم . وقد اجتمع أشرافهم في الحجر . فذكروا رسول الله صلى الله عليه وسلم . فقالوا : ما رأينا مثل صبرنا عليه سفه أحلامنا . وشتم آباءنا . وفرق جماعتنا ، فبينما هم في ذلك . إذ أقبل . فاستلم الركن . فلما مر بهم غمزوه " . وفي حديث أنه قال لهم في الثانية لقد جئتكم بالذبح وأنهم قالوا له يا أبا القاسم ما كنت جهولا . فانصرف راشدا .
فلما كان من الغد اجتمعوا فقالوا : ذكرتم ما بلغ منكم حتى إذا أتاكم بما تكرهون تركتموه . فبينما هم كذلك . إذ طلع عليهم فقالوا : قوموا إليه وثبة رجل واحد . فلقد رأيت عقبة بن أبي معيط آخذا بمجامع ردائه وقام أبو بكر دونه وهو يبكي . يقول أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله ؟ . وفي حديث أسماء فأتى الصريخ إلى أبي بكر . فقالوا : أدرك صاحبك ، فخرج من عندنا وله غدائر أربع فخرج وهو يقول ويلكم أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله ؟ فلهوا عنه وأقبلوا على أبي بكر . فرجع إلينا لا يمس شيئا من غدائر إلا رجع معه .
ومرة كان يصلي عند البيت ، ورهط من أشرافهم يرونه فأتى أحدهم بسلا جزور . فرماه على ظهره . وكانوا يعلمون صدقه وأمانته . وأن ما جاء به هو الحق . لكنهم كما قال الله تعالى ( 6 : 33 ) فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون
وذكر الزهري : أن أبا جهل . وجماعة معه وفيهم الأخنس بن شريق ، استمعوا قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الليل فقال الأخنس لأبي جهل يا أبا الحكم : ما رأيك فيما سمعت من محمد ؟ فقال تنازعنا نحن وبنو عبد مناف الشرف أطعموا فأطعمنا . وحملوا فحملنا . وأعطوا فأعطينا . حتى إذا تجاثينا على الركب وكنا كفرسي رهان . قالوا : ما نبي يأتيه الوحي من السماء فمتى ندرك هذا ؟ والله لا نسمع له أبدا . ولا نصدقه أبدا " .
وفي رواية " إني لأعلم أن ما يقول حق ، ولكن بني قصي قالوا : فينا الندوة فقلنا : نعم . قالوا : وفينا الحجابة فقلنا : نعم . قالوا : فينا السقاية . فقلنا : نعم . وذكر نحوه " .

خروجه صلى الله عليه وسلم إلى الطائف
ولما اشتد البلاء من قريش على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد موت عمه خرج إلى الطائف ، رجاء أن يؤوه وينصروه على قومه ويمنعوه منهم حتى يبلغ رسالة ربه . ودعاهم إلى الله عز وجل فلم ير من يؤوي ولم ير ناصرا ، وآذوه أشد الأذى . ونالوا منه ما لم ينل قومه . وكان معه زيد بن حارثة مولاه . فأقام بينهم عشرة أيام . لا يدع أحدا من أشرافهم إلا كلمه فقالوا : اخرج من بلدنا . وأغروا به سفهاءهم . فوقفوا له سماطين . وجعلوا يرمونه بالحجارة وبكلمات من السفه هي أشد وقعا من الحجارة . حتى دميت قدماه وزيد بن حارثة يقيه بنفسه حتى أصابه شجاج في رأسه فانصرف إلى مكة محزونا .
وفي مرجعه دعا بالدعاء المشهور اللهم إني أشكو إليك ضعف قوتي ، وقلة حيلتي ، وهواني على الناس أنت رب المستضعفين وأنت ربي ، إلى من تكلني ؟ إلى بعيد يتجهمني ، أو إلى عدو ملكته أمري ؟ إن لم يكن بك غضب علي فلا أبالي ، غير أن عافيتك هي أوسع لي . أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة أن يحل علي غضبك ، أو ينزل بي سخطك . لك العتبى حتى ترضى . ولا حول ولا قوة إلا بك فأرسل ربه تبارك وتعالى إليه ملك الجبال يستأمره أن يطبق الأخشبين على أهل مكة - وهما جبلاها اللذان هي بينهما - فقال بل أستأني بهم . لعل الله أن يخرج من أصلابهم من يعبده لا يشرك به شيئا
فلما نزل بنخلة في مرجعه قام يصلي من الليل ما شاء الله فصرف الله إليه نفرا من الجن . فاستمعوا قراءته ولم يشعر بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نزل عليه ( 46 : 28 - 32 ) وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن - إلى قوله - أولئك في ضلال مبين وأقام بنخلة أياما . فقال زيد بن حارثة رضي الله عنه كيف تدخل عليهم وقد أخرجوك ؟ - يعني قريشا - فقال يا زيد إن الله جاعل لما ترى فرجا ومخرجا . وإن الله ناصر دينه ومظهر نبيه .
ثم انتهى إلى مكة . فأرسل رجلا من خزاعة إلى المطعم بن عدي أدخل في جوارك ؟ فقال نعم . فدعا المطعم بنيه وقومه فقال البسوا السلاح وكونوا عند أركان البيت . فإني قد أجرت محمدا . فلا يهجه أحد . فانتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الركن فاستلمه . وصلى ركعتين . وانصرف إلى بيته والمطعم بن عدي وولده محدقون به في السلاح حتى دخل بيته .

--------------------------------------------------------------------------------

الإسراء والمعراج
ثم أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيت القدس راكبا على البراق صحبة جبريل عليه السلام . فنزل هناك . وصلى بالأنبياء إماما . وربط البراق بحلقة باب المسجد . ثم عرج به إلى السماء الدنيا . فرأى فيها آدم . ورأى أرواح السعداء عن يمينه والأشقياء عن شماله . ثم إلى الثانية . فرأى فيها عيسى ويحيى . ثم إلى الثالثة . فرأى فيها يوسف . ثم إلى الرابعة . فرأى فيها إدريس . ثم إلى الخامسة . فرأى فيها هارون . ثم إلى السادسة . فرأى فيها موسى . فلما جاوزه بكى . فقيل له ما يبكيك ؟ قال أبكي أن غلاما بعث بعدي يدخل الجنة من أمته أكثر مما يدخلها من أمتي . ثم عرج به إلى السماء السابعة . فلقي فيها إبراهيم . ثم إلى سدرة المنتهى . ثم رفع إلى البيت المعمور . فرأى هناك جبريل في صورته له ستمائة جناح وهو قوله تعالى ( 53 : 13 - 14 ) ولقد رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى وكلمه ربه وأعطاه ما أعطاه . وأعطاه الصلاة . فكانت قرة عين رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم في قومه وأخبرهم اشتد تكذيبهم له وسألوه أن يصف لهم بيت المقدس . فجلاه الله له حتى عاينه . وجعل يخبرهم به . ولا يستطيعون أن يردوا عليه شيئا . وأخبرهم عن عيرهم التي رآها في مسراه ومرجعه وعن وقت قدومها ، وعن البعير الذي يقدمها . فكان كما قال . فلم يزدهم ذلك إلا ثبورا . وأبى الظالمون إلا كفورا .

بعض خصائص رسول الله
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبايع أصحابه في الحرب على أن لا يفروا وربما بايعهم على الموت . وربما بايعهم على الجهاد . وربما بايعهم على الإسلام .
وبايعهم على الهجرة قبل الفتح .
وبايعهم على التوحيد والتزام طاعة الله ورسوله .
وبايع نفرا من أصحابه على أن لا يسألوا الناس شيئا . فكان السوط يسقط من أحدهم . فينزل فيأخذه ولا يسأل أحدا أن يناوله إياه .
وكان يبعث البعوث يأتونه بخبر عدوه . ويطلع الطلائع ويبث الحرث والعيون ، حتى لا يخفى عليه من أمر عدوه شيء .
وكان إذا لقى عدوه دعا الله واستنصر به وأكثر هو وأصحابه من ذكر الله والتضرع له .
وكان كثير المشاورة لأصحابه في الجهاد .
وكان يتخلف في ساقتهم . فيزجي الضعيف ويردف المنقطع .
وكان إذا أراد غزوة ورى بغيرها .
وكان يرتب الجيش والمقاتلة ويجعل في كل جنبة كفؤا لها . وكان يبارز بين يديه بأمره . وكان يلبس للحرب عدته . وربما ظاهر بين درعين كما فعل يوم بدر . وكان له ألوية .
وكان إذا ظهر على قوم أقام بعرصتهم ثلاثا ثم قفل
وكان إذا أراد أن يغير ينتظر . فإذا سمع مؤذنا لم يغر وإلا أغار .
وكان يجب الخروج يوم الخميس بكرة . وكان إذا اشتد البأس اتقوا به وكان أقربهم إلى العدو .
وكان يحب الخيلاء في الحرب . وينهي عن قتل النساء والولدان . وينهي عن السفر بالقرآن إلى أرض العدو .

[/hide]

فرفوشه

:: ضيف شرف ::

#2

ملاك نور

:: عضو جديد ::

#3


rema

:: عضو متألق ::

#4
تتتتتتتتتتتتتتتتتتتتتتت

هيثم محمد حاتم

:: عضو جديد ::

#5
مشكوووووووووووووووور

ahmed shawkat

:: عضو جديد ::

#6
shokrannnnnnnnnnnnnnn

سالم جاب الله

:: عضو قادم ::

#7
شكررررررررررررررررررررررررا

افراح ام خالد

:: عضو جديد ::

#8
شكرا جزيلا

om shahad

:: عضو متألق ::

#9
شكككككككرررررررررااااااااااااا

msa3d9000

:: عضو قادم ::

#10
الف شكر لكم
إضافة رد


يشاهدون الموضوع : 1 ( عضو0 زائر 1)
 

الانتقال السريع