Close Menu
الساعة الآن 02:20 PM

منتديات ياكويت.

للتسجيل إضغط هنا

أدوات الموضوع
إضافة رد

Anwar

:: منسق إداري ::

جودة التعليم في التصور الاسلامى مفاهيم و تطبيقات

جودة التعليم في التصور الإسلامي مفاهيم وتطبيقات



أ.د. محمودأبو دف
أستاذ أصول التربية بالجامعة الإسلامية
أ. ختام الوصيفي
محاضرة بقسم الفيزياء- الجامعة الإسلامية
أكتوبر 2007



ملخص الدراسة:
هدفت الدراسة إلى تأصيل مفهوم الجودة في التعليم من خلال استقرار الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة وأقوال علماء التربية المسلمين ذات العلاقة بالموضوع وقد استخدم الباحثان أسلوب تحليل المحتوى من ناحية كيفية كأحد تقنيات المنهج الوصفي ، أظهرت الدراسة السبق الإسلامي في التأكيد على جودة التعليم تحت مسميات الإحسان والإتقان والسداد ، كما بينت أن هناك العديد من المحفزات القوية الدافعة إلى تحسين التعليم وتجوديه بصورة مستمرة ، وقد اجتهد علماء التربية المسلمون في تحديد معايير جودة التعليم المتعلقة بعناصر العملية التعليمية وإدارة الصف ، كما أمكن التوصل إلى آليات عديدة لضمان جودة التعليم ، وأوصت الدراسة بضرورة وجود مبادرة ذاتية لإصلاح العملية التعليمية وتحسينها في جميع مراحلها مع الاستفادة من خبرات وتجارب الآخرين في هذا المجال .

Abstract:
This study aimed to cauterized the concept of quality in education, through exploration and reading in holy Korans and el Hadeeth, besides literature came from Islamic scientist, related to the subject, the researchers used the method of analysis of content through Qualitative approach, and one of the descriptive methods, the study shows that Muslims were pioneer in the discovery of the quality concept, under various labels like- Elhssan.
Elthan, we found that there are various incentives for the improvement of learning and equality, the Islamic scientists tried to outlined the criteria for the learning equality, and class management, also they concluded some mechanisms that ensure the equality.
The researchers recommended of preparing an initiative to improve the educational process in all the stages, getting the benefits from the experience of others.

مقدمة :
تحرص المجتمعات المعاصرة على تطوير نظمها التعليمية وتحقيق أعلى درجات الجودة في المخرج التعليمي وقد أصبحت قضية جودة التعليم موضع اهتمام المعنيين بالتعليم على الصعيدين الإقليمي والعالمي ، حيث يرى الكثيرون أن السبيل لمواجهة تحديات القرن الحادي والعشرين يتمثل في رفع جودة نوعية التعليم وتحسين مخرجاته .
ونحن المسلمين على جانب كبير من التقصير في الأخذ بأسباب الإتقان في جميع جوانب عملنا بما في ذلك التعليم ، على الرغم أننا أولى بالاحتكام إلى مقاييس ومعايير الجودة التي أكّد عليها وحددها الإسلام ، فنحن مطالبون أن نتقن عبادتنا وأخلاقنا وأعمالنا وأن نحسن في أقوالنا وأفعالنا وأداءنا ، وإذا كان الدين الإسلامي بطبيعته منهاج حياة شامل لجميع جوانب الحياة ، فإننا مطالبون بإحسان هذا الدين كما جاء في قوله عز وجل : " وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله وَهُوَ مُحْسِنٌ " (النساء ، آية : 125)
وقد ثبت بالدليل القاطع ، أن التعليم الإسلامي الجيد ، هو الذي أنتج لنا حضارة سامقة متميزة ، نعمت بها البشرية لقرون طويلة ، وحققت لأصحابها ولغيرها من الشعوب التقدم العلمي والحضاري ولولا الفساد السياسي وما ترتب عليه من ضعف اقتصادي وتوالي الغزوات والحروب من الخارج إلى بلاد المسلمين ، لما ضعف التعليم وفقد عناصر جودته ولما وصل المسلمون إلى هذا المستوى من التردي في جميع مجالات الحياة. (طعيمة وآخرون، 2006 : 205)
إن التعليم الذي تنشده الأمة اليوم ، هو الذي يجمع بين العلم والتكنولوجيا وحرارة الإيمان والاستعداد لحمل وتبليغ رسالة الإسلام ، رسالة العدل والحرية والمساواة والفضيلة وإنسانية الإنسان ، والجودة الشاملة للتعليم ، لا بد أن تتضمن هذا كله ويكون هدفها الأصيل من التعليم . (البيلاوي ، 2006 : 187)
وتشير نتائج الكثير من الدراسات الميدانية - التي أجريت في بلاد المسلمين – إلى تدنّي نوعية التعليم ونمطيته ومن أبرز مظاهر ذلك ، ضعف القدرات التي يبنيها التعلم في عقل وشخصية الطالب (تقرير التنمية الإنسانية العربية ، 2002 : 5 ، 6) وكان مما دفع الدول النامية ودول العالم الثالث للاهتمام بتحسين نوعية التعليم ، هو الشعور بعدم فعالية النمط التعليمي السائد فيها ، مما أدى إلى تخلفها عن ركب التقدم والمدنية وإخفاقها في تحقيق التنمية المنشودة ، في حين تتسابق الدول المتقدمة إلى تحسين التعليم سعياً لتحقيق التفوق وبلوغ الصدارة بين الأمم (ناصر ، 1996 : 166) ، وصحب ذلك جهود عالمية واسعة لإصلاح التعليم وتنادت الدعوات في مختلف الدول لإصلاح النظم التعليمية ، بحيث تستند العملية إلى تقويم يكشف عن عناصر القوة والضعف في النظم المطبقة (مصطفى ، 2002 : 32) .
وأجريت العديد من الدراسات المحلية والعالمية حول الجودة في التعليم ، منها ما هو ميداني تطبيقي ومنها ما هو تنظيري ، حيث أفادت دراسة محمود ومصطفى (2000) أن تطبيق إدارة الجودة الشاملة سيقلل من البيروقراطية الإدارية إلى حركة في المؤسسات التعليمية ، وقد توصلت دراسة درباس (1994) إلى عدم توافر كوادر تعليمية مؤهلة في ميدان إدارة الجودة الشاملة في القطاع التعليمية وعقدت وحدة الجودة بالجامعة الإسلامية يوماً دراسياً حول الجودة في التعليم العالي (2004) ، وأجرى شاهين وشندي (2004) دراسة حول جودة التعليم من منظور إسلامي فعرضا لمفهوم الجودة في التعليم ومتطلبات تحقيقها .
وعلى الرغم من الجهود المضنية التي تُبذل – تحت عنوان – تحسين العملية التعليمية وتحقيق الجودة فيها ، إلا أن التقدم في هذا المجال لم يزل بطيئاً في جميع مراحل التعليم ، ولاحظ الباحثان أن موضوع الجودة من ناحية تنظيرية ، لم ينضج بعد ولم تكتمل حلقاته ، فكان ذلك دافعاً ومحفزاً لدراسة هذا الموضوع .

مشكلة الدراسة :
في ضوء ما سبق ، يمكن أن تصاغ مشكلة الدراسة في الأسئلة التالية :
س1 : ما مفهوم جودة التعليم في الإسلام ؟
س2 : ما محفزات تحقق جودة التعليم في التصور الإسلامي ؟
س3 : ما معايير الجودة المتعلقة بعناصر العملية التعليمية كما يراها علماء التربية المسلمون؟
س4 : ما مقومات جودة التعليم وآليات ضمانها في التصور الإسلامي ؟

أهداف الدراسة :
تهدف الدراسة إلى ما يلي :
1- تحديد مفهوم جودة التعليم في الإسلام .
2- الكشف عن محفزات تحقيق جودة التعليم في التصور الإسلامي .
3- تحديد أبرز معايير الجودة المتعلقة بعناصر التعليمي كما بينها علماء التربية المسلمون .
4- توضيح مقومات جودة التعليم وبيان آليات ضمانها في التصور الإسلامي .

أهمية الدراسة :
تكتسب الدراسة أهميتها من خلال ما يلي :
1- الأهمية الكبيرة لموضوع الجودة في تعليمنا المعاصر باعتبار كونه مطلباً ملحّاً في ظل تحديات العولمة .
2- تُعد الدراسة محاولة حثيثة لتأصيل مفهوم الجودة في الإسلام من جميع أبعاده .
3- افتقار البيئة العربية بشكل عام والفلسطينية على وجه الخصوص إلى مثل هذه الدراسات التأصيلية.
4- يمكن أن يستفيد من نتائج هذه الدراسة :
- المشرفون القائمون على متابعة العملية التعليمية والعاملون على تحسينها وتطويرها.
- المعلمون الحريصون على تطوير أداءهم ، في كل مراحل التعليم .
- الباحثون المعنيون ، بتقويم العملية التعليمية وفق معايير الجودة الشاملة .

منهج الدراسة :
استخدمت الدراسة أسلوب تحليل المحتوى ، كأحد تقنيات المنهج الوصفي ، بالوقوف على الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة وأقوال العلماء المسلمين واستخراج ما فيها من مضامين خاصة بموضوع الجودة ومن ثم العمل على تصنيفها ثم إدراجها تحت الجانب الخاص بها من الجوانب التي ذكرت في تساؤلات الدراسة .

حدود الدراسة :
اقتصرت الدراسة على :
1- القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة وأقوال علماء التربية المسلمين .
2- مفهوم ومحفزات جودة التعليم في التصور الإسلامي ومعايير الجودة المتعلقة بعناصر العملية التعليمية وآليات ضمانها .


الإجابة عن أسئلة الدراسة :
الإجابة عن السؤال الأول ونصه : "ما مفهوم جودة التعليم في الإسلام؟"
حث القرآن الكريم على تلقي العلم المقترن بالإيمان " يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ " (المجادلة ، آية : 11) . وجاء في الحديث الشريف " طلب العلم فريضة على كل مسلم " (ابن ماجة ، ب.ت ، ج1 : 181) .
ولأن طلب العلم فريضة فهو عبادة ، ذلك أن حقائق العلم ، هي آيات الله والتأمّل في آيات الله والانتفاع بها في عمارة الأرض ، وظيفة الإنسان والغاية من خلقه.(مدكور، 1990 : 283)
وبناءً عليه كان التعليم حقاً لكل مسلم بمعنى " إلزام فريق من المسلمين المتعلمين ، بتعليم غيرهم ممن لا يعلمون ، لا على أساس أن ذلك منّة يمنون بها عليهم ، ولكن على أساس أن ذلك حق لهم " . (علي ، 1999 : 21)
ورغب الإسلام بالسعي إلى تحصيل العلم ، ويتضح ذلك م خلال قوله  : " من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة " . (مسلم ، ب.ت ، ج4 : 2074)
ويقصد بالتعليم عملية إكساب مهارات عقلية أو يدوية أو بدنية (قمبر وآخرون، 1989 : ص ص ، 23 ، 24) .
ويستخدم مصطلح التعليم للدلالة على تنمية الجانب المعرفي المتمثل في طلب العلم ، والتعليم عبارة عن " عملية توفير الشروط المادية والنفسية التي تساعد المتعلم على التفاعل النشط مع عناصر الموقف التعليمي واكتساب الخبرات والمعارف والمهارات والاتجاهات والقيم التي يحتاجها المتعلم وذلك بأبسط الطرق الممكنة " (راشد ، 1993 : 73) ، وقد استخدم هذا المصطلح من علماء المسلمين قديماً ، العالم برهان الدين الزرنوجي المتوفى سنة (620هـ) في كتابه (القيم وتعليم المتعلم في طريق التعلم) ، وشيخ الإسلام زكريا بن محمد الأنصاري الشافعي المتوفى سنة (926هـ) في رسالته (اللؤلؤ المنظوم في روم التعلم والتعليم) ، وكذلك الإمام أبو حنيفة النعمان بن ثابت المتوفى سنة (150هـ) في رسالته (العلم والمتعلم) .
واعتبر الإمام أبي حامد الغزالي المتوفى سنة (1059هـ) أن " صناعة التعليم هي أشرف الصناعات التي يستطيع الإنسان أن يحترفها " . (ناصر ، 1989 : 14) . وأخبر المولى سبحانه وتعالى عن منّته ونعمته العظيمة بأن بعث نبيه محمداً  رسولاً ومعلماً " هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ " (الجمعة ، آية : 2) . وأفصح الرسول  عن جوهر رسالته من خلال قوله: "إن الله عز وجل لم يبعثني معنفاً ولكن بعثني معلماً ميسراً" . (ابن حنبل ، ب.ت ، ج3 : 328).

مفهوم الجودة :
الإسلام عقيدة وشريعة وأخلاقاً وفلسفةً للكون والإنسان والحياة هو كمال الجودة والإبداع، ذلك أن الإسلام دين الله جلت حكمته " بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ " (البقرة ، آية : 117) .
إن مفهوم الجودة حاضرٌ في كل تعاليم الإسلام بكل مضامينه وهو يمثل قيمة إسلامية وقد حث القرآن الكريم على الجودة الشاملة في كل الأعمال التي يفترض أن يقوم بها الإنسان ويفهم ذلك من خلال قوله عز وجل : " لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَـكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّآئِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَـئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ " (البقرة ، آية : 177) .
وقد ارتبط مصطلح الجودة في الإسلام بمفردات ومفاهيم أخرى ذات علاقة ، يتعرض لها الباحثان من باب الاستجلاء والتوضيح والمقارنة ، ولعل من أبرز هذه المصطلحات الإحسان والإتقان ، فالجودة في اللغة أصلها الاشتقاقي (ج و د) وهو أصل يدل على التسمح بالشيء وكثرة العطاء . (ابن فارس ، 1991 ، ج1 : 493)
وجاد الشيء جوّده أي صار جيداً وأجاد : أتى بالجيد من القول والفعل ، ويقال : أجاد فلان في عمله وأجود وجاد عمله . (ابن منظور ، 2003 ، ج2 : 254 ، 255)
وأجاد الشيء جَوده تجويداً واستجاده عدّه جيداً وجمع الجود جياد.(الرازي،ب.ت: 75)، والجيد ضد الرديء ورجل مجيد : أي يجيد كثيراً . (الزبيدي ، ج4 : 403 ، 404)
وجاء في محكم التنزيل : " إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ " (ص، آية : 31) والجياد في الآية السابقة بمعنى الجيدة في الجري والسريعة في الانقياد وكثيرة العطاء والرائعة في الجمال (القرطبي ، 2002 ، ج8 : 161 ، 162) .
وجاد الفرس : أي صار رائعاً يجود جودةً . (ابن منظور ، 2003 ، ج3 : 135 ، 136)
ومن خلال العرض السابق لمعاني الجودة من ناحية لغوية يتضح أنها تتضمن الأداء الجيد والعطاء الواسع المستمر الذي يتصف بالروعة والجمال .

مفهوم الإحسان :
وردت مشتقاته في القرآن الكريم مرات كثيرة ، تارة بصيغة المصدر وتارة بصيغ الفاعل ولم ترد بصيغة الأمر إلا مرة واحدة مخاطباً فيها الجماعة " وَأَحْسِنُوَاْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ " (البقرة ، آية : 195).
والعمل الحسن كما أخبر المعصوم  عمل يحبه الله عز وجل " إن الله تعالى يحب من العامل إذا عمل أن يحسن " (الألباني ، ب.ت ، ج1 : 278) .
والإحسان في لغة من أحسن : فعل ما هو حسن وأحسن الشيء أجاد صنعه .
(أنيس وزميله ، 1972 : 74)
والإحسان بمعنى النصح في العبادة وبذل الجهد في تحسينها وإتمامها وإكمالها . (البدر ، 2003 : 26)
وعرف الإحسان بأنه " إحكام العمل وإتقانه ومقابلة الخير بأكثر منه والشر بأقل منه " (حجازي ، 1982 ، ج1 : 459) .
وحث الرسول  على معاملة الناس بالحسنى والتزام الأخلاق الحسنة معهم "اتق الله حيثما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن". (الترمذي، ب.ت، ج3: 423)
فالإحسان في العمل ذو شقين ، الأول استخدام أقصى درجات المهارة والإتقان فيه وأما الشق الثاني فهو التوجه بالعمل لله عز وجل . (مدكور ، 1992 : 57)
ويؤكد ذلك ما جاء في حديثه  " إن الله كتب الإحسان على كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة وليحدّ أحدكم شفرته وليرح ذبيحته " (مسلم ، ب.ت ، ج6 : 72) ، فالحديث السابق يدلل على الإتقان في العمل كما يشير إلى توفير الأداة الفاعلة والمجيدة لتنفيذ المهمة على أكمل وجه .
وبالإجمال فإن الإحسان يتضمن معنى التمام والإكمال وفعل الشيء الجيد وإتقان العمل وإخلاصه لله عز وجل ، وبذلك تكون الجودة مظهراً من مظاهر الإحسان وثمرة من ثماره .
مفهوم الإتقان :
الإتقان في اللغة من أتقن الشيء أحكمه وإتقانه إحكامه ، فالإتقان الإحكام للأشياء
(ابن منظور ، 2003 ، ج3 : 73) .
وجاء في محكم التنزيل : " كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ "
(هود ، آية : 1) .
فالإتقان أحد مظاهر ومؤشرات الحكمة في العمل ، والحكيم هو المتقن للأمور (السعدي، 2002 : 392) ، ورجل تقن متقن للأشياء حاذق (ابن منظور ، 2003 ، ج3 : 73) .
والإتقان بمعنى الإحسان والإحكام للشيء (القرطبي ، 2002 ، ج7 : 17) ، وجاء في قوله تعالى : " لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ " (التين ، آية : 4) ، ولفت ربنا سبحانه وتعالى انتباه عباده إلى إتقان صنعته في خلقه بقوله : " صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ " (النمل ، آية : 88) ، وبين رب العزة في كتابه الحكيم بعض مظاهر إبداعه وإتقانه في هذا الكون الرحيب " وَالأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ * تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُّنِيبٍ " (ق ، الآيات : 7-8) .
ومن المؤشرات الدالة على الإتقان أداء الشيء بمهارة كما جاء في الحديث الشريف "الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة والذي يقرؤه ويتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران ". (مسلم ، ب.ت ، ج1 : 549)
يتضح مما تقدم أن الإتقان مفهوم يتضمن إحكام الشيء وإحسانه وأداء العمل بمهارة ويشير (محجوب ، شبكة الإنترنت ، 2007) إلى أن " هناك علاقة متداخلة بين الإتقان والإحسان غير أن الإتقان عمل يتعلق بالمهارات التي يكتسبها الإنسان فيما الإحسان قوة داخلية تتربى في كيان المسلم وتتعلق في ضميره وتترجم إلى مهارة يدوية ، فالإحسان أشمل وأعم دلالة من الإتقان.
وبالإجمال يمكن القول ، أن الجودة تعني إجادة العمل والإتقان درجة عالية في الجودة والإحسان مرادف للإتقان غير أن الأخير أخص من حيث الدلالة لكونه يتضمن حذق الشيء والمهارة في أداءه وإحكامه ويبقى الإحسان هو الأصل الذي ينبثق عنه فعل الصواب وجودة العمل وإتقانه ، بصفته قيمة روحية إيمانية دافعة ومحفزة لكل عمل يحبه الله عز وجل ويرضاه .
مفهوم جودة التعليم في التصور الإسلامي :
حث الإسلام كما تبين سابقاً ، على إحسان العمل وتجويده وإتقانه ، وجاء في حديثه " إن الله يحب العامل إذا عمل أن يتقن " (العجلوني ، ب.ت ، ج11 : 285) .
والتربية هي عمل إنساني رائع وملح ، ينبغي التماس الجودة في أداءه ، والجودة في التعليم هي " عملية بنائية تهدف إلى تحسين المنتج النهائي " (أحمد ، 2003 : 17) .
وعرفت الجودة في التعليم بأنها عبارة عن " قدرة الإدارة التعليمية في مستوياتها ومواقعها المختلفة على أداء أعمالها بالدرجة التي تمكنها من إعداد خريجين يمتلكون من المواصفات ما يمكنهم من تلبية احتياجات التنمية في مجتمعهم طبقاً لما تم تحديده من أهداف ومواصفات لهؤلاء الخريجين " (الشافعي وزميله ، 2003 : 79) .
ومهما تنوعت تعاريف الجودة في التعليم ، إلا أنها تضم ثلاثة جوانب أساسية ، جودة التصميم (Designauality) وتعني تحديد المواصفات والخصائص التي ينبغي أن تراعى في التخطيط للعمل ، وجودة الأداء (Performanceqality) وتعني القيام بالأعمال وفق المعايير المحددة، وجودة المخرج (Outputauality) وتعني الحصول على منتج تعليمي وخدمات تعليمية وفق الخصائص والمواصفات المتوقعة . (عليمات ، 2004 : 93)
وجودة التعليم من منظور إسلامي عبارة عن " ترجمة احتياجات وتوقعات المستفيدين من العملية التعليمية إلى مجموعة خصائص محددة تكون أساساً في تصميم الخدمات التعليمية وطريقة أداء العمل من أجل تلبية احتياجات وتوقعات المستفيدين وتحقيق رضى الله عز وجل. (الخطيب ، 2007 : 3)
ومن خلال التعريفات السابقة للجودة في التعليم يتضح ما يلي :
- أن مفهوم الجودة في التعليم ، ليس حديثاً وإنما هو قديم ومسبوق من خلال حث الإسلام على الإحسان في العمل وإتقانه .
- تضمن مفهوم الجودة العملية التعليمية بكل عناصرها وتفاصيلها في صورة مدخلات ومخرجات والغرض الأساس منها تحسين المنتج من خلال توفير الإمكانات المتاحة وتوظيفها ضمن خطة مدروسة .
- الحكم على جودة العمل ، والأداء يتم في ضوء معايير محددة .
- ارتباط الجودة بمتطلبات سوق العمل واحتياجاته .
- يتطلع الفرد المسلم – وهو يسعى إلى تحقيق الجودة العالية في المنتج التعليمي – إلى إرضاء الله عز وجل من خلال التزام ما أمر به وحث عليه ولا يتعارض هذا مع الاستجابة لاحتياجات وتوقعات سوق العمل وتحقيق الفائدة والنفع للمسلمين ، عملاً بالتوجيه النبوي الشريف " أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس " (الطبراني ، 1983 ، ج12 : 453) .
وفي ضوء ما سبق يعرف الباحثان جودة التعليم بأنها " عملية تستهدف تحقيق منتج تعليمي عالي الجودة ، من خلال توفير المدخلات اللازمة والعمل على تحسينها بما يحقق الأهداف المنشودة وفق معايير محددة ، ويكفل تلبية حاجات سوق العمل ، ويكون الدافع الأساس لذلك كله ، الحرص على إرضاء الله عز وجل " .
ومن الجدير ذكره في هذا المقام ، أن تجويد التعليم وتحسينه بما يكفل تميز المنتج ، عملية طموحة ومستمرة لا تتوقف ، ذلك أن الفرد المسلم مطلوب منه تسديد الأعمال بصورة دائمة يحبها الله عز وجل ويتضح ذلك من خلال التوجيه النبوي الشريف " سدِّدوا وقاربوا واعلموا أنه من يدخل أحدكم عمله الجنة وأن أحبَّ الأعمال أدومها وإن قل " (البخاري، 1987، ج5 : 2373) .
فالسداد كما جاء في الحديث الشريف السابق هو حقيقة الاستقامة ، وهو يعني الإصابة في جميع الأقوال والأعمال والمقاصد ، فالسداد إصابة السهم والمقاربة ، أن يصيب ما قرب من الغرض إذا لم يصب الغرض نفسه ولكن بشرط أن يكون حريصاً ومصمماً على قصد السداد وإصابة الغرض فتكون مقاربته من غير عمد . (النووي ، 1968، ج11 : 162)

الإجابة عن السؤال الثاني ونصه: "ما محفزات جودة التعليم في التصور الإسلامي؟"
نقصد هنا بمحفزات جودة التعليم " البواعث والدوافع التي تحرك وتوجه بقوة سلوك العاملين في سلك التعليم ، نحو تحسين وتجويد مدخلات العملية التعليمية بما يحقق منتج على درجة عالية من الجودة " ومن خلال البحث والاستقراء للآيات الكريمة والأحاديث النبوية وأقوال العلماء المسلمين تم تحديد أبرز هذه المحفزات على النحو التالي :
أ- الحث على العمل الصالح :
حث القرآن الكريم في كثير من آياته على العمل الصالح ومن ذلك قوله تعالى: "وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا " (فصلت ، آية : 33) ، ورغب المولى سبحانه وتعالى عباده المؤمنين بالمداومة على العمل الصالح لقوله عز وجل : " وَبَشِّرِ الَّذِين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ " (البقرة ، آية : 25) ، فالعمل الصالح طريق الفلاح مع اقترانه بالإيمان والتوبة " فَأَمَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَعَسَى أَن يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ " (القصص ، آية : 67) .
ويحث القرآن الكريم على المبادرة إلى العمل الأفضل ويقارن بينه وبين غيره من الأعمال التي لا ترتقي إليه " أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللّهِ لاَ يَسْتَوُونَ عِندَ اللّهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * الَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِندَ اللّهِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ " (التوبة ، الآيتان : 19 ، 20) .
وحدد الرسول  معياراً للعمل الصالح وهو تحقيق النفع للآخرين ويتضح ذلك من خلال قوله  " ما من مسلم يغرس غرساً أو يزرع زرعاً فيأكل منه طيرٌ أو إنسان أو بهيمة إلا كان له صدقة " (ابن حنبل ، ب.ت ، ج3 : 228) .
فالعمل الصالح في الإسلام يتصف بالشمول والتنوع وهو لا يقتصر على جلب الخير النافع وإنما يتعدّاه إلى محاربة الشر الضار ، والعمل الصالح يحتاج إلى إعداد وتربية وتدريب على أدائه وتوفير مؤسساته . (الكيلاني ، 1996 : 16-19)
والعمل الصالح كذلك ينبغي أن يكون أخلاقياً وناجحاً ، فإذا كان أخلاقياً وغير ناجح لا يجلب منفعة ولا يدفع ضرراً وإذا كان ناجحاً وغير أخلاقي ، فإنه يجلب ضرراً وإذا اجتمع الاثنان فيه كان عملاً نافعاً غير ضار . (الكيلاني ، 1988 : 49)
وقد لخص القرآن الكريم ، مسيرة الإنسان في حياته ومصيره في الآخرة ، وجعل الربح والخسارة بناءً على ثلاثة مقاييس ، هي الإيمان والعمل الصالح والتواصي بالحق والصبر وجاء ذلك كله مقترناً بالقسم بالوقت " وَالْعَصْرِ * إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ " (العصر ، الآيات : 1-3) .
وأشار الرسول  إلى معيار التفاضل بين الناس ، وبين أن أخيرهم هو من يستثمر عمره الطويل في العمل الحسن " خير الناس من طال عمره وحسن عمله وشر الناس من طال عمره وساء عمله " (الألباني ، ب.ت ، ج1 : 561) .
وحث القرآن الكريم على التسابق في الأعمال الخيرة كما جاء في قوله عز وجل : "وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُواْ الْخَيْرَاتِ" (البقرة ، آية : 148) ووعد المولى سبحانه وتعالى السّبّاقين في الخير بالجنة والمنزلة العالية " وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ * فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ " (الواقعة ، الآيات : 10-12).

ب- الحث على الإحسان في العمل :
أمر الله سبحانه وتعالى بالإحسان في قوله : " إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ " (النحل، آية : 90) ، وفي موضع آخر من كتابه العزيز ، جاء الاقتران بين الإيمان والتقوى والإحسان الذي يحبه الله سبحانه وتعالى لعباده " لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُواْ إِذَا مَا اتَّقَواْ وَّآمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَواْ وَّآمَنُواْ ثُمَّ اتَّقَواْ وَّأَحْسَنُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ " (المائدة ، آية : 93) .
إن شمولية المنهج الإسلامي وتغطيته لكل جوانب الحياة الإنسانية ، واكبتها دعوة الإسلام الإنسان إلى الإحسان في كل عمل يقوم به وارتبط الجزاء بالنسبة للإنسان بكيفية العمل والأداء "إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الأَرْضِ زِينَةً لَّهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً" (الكهف، آية: 7)، وجعل الله عز وجل الابتلاء والاختبار بالعمل غاية الحياة الدنيا لقوله سبحانه وتعالى : " الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا " (الملك ، آية : 2) .
وبين الله عز وجل في قرآنه الكريم ، أن أجر العمل الحسن لا يضيع عنده سبحانه "إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا " (الكهف ، آية : 30) .
والإسلام يحث على الإحسان والإتقان في أداء العبادات ومن ذلك على سبيل المثال قوله : "ما من مسلم تحضره صلاة مكتوبة فيحسن وضوءها وخشوعها وركوعها إلا كانت كفارة لما قبلها من الذنوب ما لم تؤت كبيرة وذلك الدهر كله " (ابن حبان ، 1993 ، ج3 : 319) ووجه الرسول المربي  قارئ القرآن إلى تحسين صوته حيث جاء في الحديث الشريف " زيّنوا القرآن بأصواتكم " (ابن حبان ، 1993 ، ج3 : 749) ، ولما كان إحسان العمل من السلوكات الأخلاقية التي تدخل في إطار العبادة بمفهومها الشامل ، الذي يتضمن العلم والتعليم فإن المعلم مطلوب منه أن يحسن تعليمه مبتغياً بذلك وجه الله عز وجل (يالجن ، 1996: 38) .
ج- التأكيد على إتمام العمل وإكماله على أفضل وجه :
الدين في المفهوم الإسلامي، نظام عام اتصف بالكمال والتمام وتنزه عن النقص "الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا" (المائدة ، آية : 3) .
وجاء على لسان نبي الله شعيب عليه السلام مخاطباً موسى عليه السلام وطالباً منه إتمام العمل في المدة المحددة مقابل أجر معلوم " قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَن تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِندِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ " (القصص ، الآية : 27) فإتمام العمل من مظاهر الوفاء وقد وصف سبحانه وتعالى نبيه إبراهيم عليه السلام بقوله " وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى " (النجم، آية: 37) وجاء في الهدي النبوي الشريف "إن من تمام الصلاة إقامة الصف" (ابن حنبل، ب.ت، ج3: 322) .
وإتمام العمل عملية بنائية تكاملية من حيث الجهد المبذول وتتصف بالاستمرار وبذل مزيد من المتابعة والمراجعة والنظر والتقييم وإن بدى جمالها وحسنها للناظرين وعبر عن هذا قوله  : " مثلي في النبيين كمثل رجل بنى داراً فأحسنها وأكملها وأجملها وترك فيها موضع لبنة لم يضعها ، فجعل الناس يطوفون بالبنيان ويتعجبون منه ويقولون لو تم موضع هذه " (الترمذي ، ب.ت ، ج5 : 586) .
ولإخراج المنتج التعليمي على أتم وجه وأكمل صورة ، لا بد من توافر منظومة من القيم الإسلامية لدى العاملين في حقل التعليم وهي بدورها باعثة ومشجعة على ذلك ، ويمكن إجمال أبرزها فيما يلي :

1- إخلاص العمل لله عز وجل :
يعرف الإخلاص بأنه تصفية العمل من كل شوب أي لا يمازج العمل ما يشوبه من شوائب إرادات النفس ، كطلب المدح من الناس أو تعظيمهم أو طلب أموالهم أو غير ذلك من العلل والشوائب (الجوزية ، 2003 : 293 ، 294) .
ويوجب الإسلام على العامل أن يخلص النية في العمل ويتقنه وينصح فيه خشية من الله تعالى ، لأنه يراقبه وحتى يكون العمل متقناً من وجهة النظر الإسلامية ، ينبغي أن يتم على أكمل وجه دون إهمال أو تقصير أو تفريط (عبيدات ، 2001 : 117) .
وقد أمر الله عز وجل عباده في مواضع عدة من كتابة الحكيم بالإخلاص في العبادة والأعمال ومن ذلك قوله عز وجل : " وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ " (البينة ، آية : 5)، وفي موضع آخر يرغب القرآن الكريم المؤمنين بإخلاص العمل لله عز وجل " فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا " (الكهف ، آية : 110) .
فالعمل المقبول له معياران ، أولهما أن يكون خالصاً لوجه الله وثانيهما أن يكون صواباً، فإذا كان العمل خالصاً ولم يكن صواباً لم يقبل وإذا كان صواباً ولم يكن خالصاً لم يقبل حتى يكون خالصاً صواباً (الجوزية ، 2003 : 292) .
إن من متطلبات الإخلاص في العمل ، أداؤه بصورة جيدة فالإخلاص لله في العمل المهني ومراعاة الدقة في تنفيذه من أبرز أسرار نجاحه ، ومتى صدر العمل عن نيّة صادقة وشعور مخلص ، أدى إلى أن يدأب العامل على مواصلته دون سآمة أو ملل وأفضى إلى رفع كفاية الإنتاج (البقري ، 1980 : 45) ، ويعد الإتقان مظهراً من مظاهر الإخلاص في العمل وهو لا يقتصر في الإسلام على عمل دون آخر ، بل هو مطلوب في كل عمل من أعمال الدين والدنيا (إبراهيم ، 1997 : 403) .
ولما كان العلم عبادة ، فقد لزم إخلاص النية فيه ، كشرط للقبول عند الله عز وجل ، كما أن الإخلاص باعث على إتقان العمل وتفاني المعلم في أداءه للارتقاء نحو الأفضل (صالح، 1989 : 309) .
وحذر الرسول  من صرف مقصد التعليم لغير الله بقوله: "من تعلم علماً مما يُبتغى به وجه الله لا يتعلمه إلا ليصيب به عرض الدنيا، لم يجد عرف الجنة يوم القيامة" (أبو داود ، ب.ت، ج3 : 323) .
وبناءً عليه أضحت الحاجة ماسّة ، إلى إحياء مفهوم التعبّد بالعلم في مؤسساتنا التعليمية بكل مراحلها ، لأن " غياب روح التضحية من أجل العلوم والمعارف ، كان نتيجة انحسار روح التعبّد بالعلم لخدمة عباد الله ودينه ، وبذلك تخلف المسلمون اليوم في الناحية العلمية والتقنية . (يالجن ، 1999 : 27)

2- التزام الأمانة في أداء الأعمال :
وصف الله عباده المؤمنين بقوله : " وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ " (المؤمنون، آية : 8) وجاء في التوجيه النبوي الشريف " أدِّ الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك " (البيهقي ، 1989 ، ج1 : 71) ، وحث الرسول المعلم  على التناصح في العلم وحذر من الخيانة فيه بقوله : " تناصحوا في العلم فإن خيانة أحدكم في علمه ، أشد من خيانته في ماله وإن الله سائلكم يوم القيامة". (الطبراني ، 1983 ، ج1 : 270)
واعتبر (ابن حجر) أن إتمام المعلم لعمله على أكمل وجه وأتم صورة من الأمانة العلمية. (رجب ، 1999 : 215)
ومن متطلبات التزام خلق الأمانة في أداء المعلم ، أن يبذل قصارى جهده في تعليم الأجيال وفق المواصفات العلمية والخلقية وأن يكون صادقاً مع غيره في قوله وعمله وعدم التهرّب من إلقاء دروسه بأعذار مصطنعة وأن يستثمر كل وقت مخصص للعطاء ، فلا يضيّع من ساعات الدروس أو المحاضرات وكذلك الالتزام في تنفيذ النظم واللوائح الخاصة بتنظيم الأمور التعليمية . (يالجن ، 1996 : 19 ، 20)
3- استشعار المسئولية تجاه الأعمال :
ما من شك في أن العامل الذي يستشعر معنى المسئولية في كل ما يقوم به من عمل، نجده يحرص على التزام الدقة والإجادة في أداء واجباته، وجاء في محكم التنزيل "وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلكِن يُضِلُّ مَن يَشَاء وَيَهْدِي مَن يَشَاء وَلَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ" (النحل ، آية : 93) فالإنسان محاسب عن عمله سواءٌ أبداه للناظرين أو أخفاه فالله عز وجل مطلع على عمله وسيحاسبه عليه " وَإِن تُبْدُواْ مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللّهُ " (البقرة ، آية : 284) .
وكل عامل في أي موقع تعليمي ، هو راعٍ ومسئول لقوله  : " ألا كلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته " (مسلم ، ب.ت ، ج3 : 1459) .
ومن الأمور التي يسأل عنها الإنسان يوم القيامة ، العلم الذي يحمله كما جاء في حديثه " لن تزول قدما عبدٍ يوم القيامة حتى يسأل عن أربع خصال : عن عمره فيما أفناه وعن شبابه فيما أبلاه وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه وعن علمه ماذا عمل به " . (الألباني ، ب.ت ، ج3 : 227)
د- توجيه المسلم إلى التماس العلم النافع :
الإيمان بطبيعته يستلزم العلم النافع بشموله ، الذي يزيد الإنسان صلة بالله عز وجل ويمكنه من القيام بواجبات خلافته في الأرض وعمران الحياة فيها . (النجار ، 1981 : 122)
ومقياس العلم النافع ليس ذلك الذي نراه في الفلسفة البرجماتية، مركزاً على الناحية المادية في الحياة، وإنما هو العلم الذي يصب في مصلحة الأمة وإقامة الدين. (علي، 1992: 101)
وسأل الرسول المعلم  ربه سبحانه وتعالى الاستزادة من العلم النافع " اللهم انفعني بما علمتني وعلمني ما ينفعني وزدني علماً " . (ابن ماجة ، ب.ت ، ج1 : 92)
فالحديث السابق يفيد أن على المسلم التماس العلم النافع كمحتوى وكذلك الانتفاع به كوظيفة في الحياة العملية مع طلبه الزيادة في هذا العلم وفي ذلك توازن واضح بين الكيف والكم فالحرص على النوع لا يضيره الاستزادة فيه .
وضمن معايير الجودة في العلم أن ينفع صاحبه كما بين (الشافعي) بقوله " ليس العلم ما حُفظ العلم ما نفع " . (أحمد ، 1996 : 531)
وجاء في الهدي النبوي "تعلموا العلم وانتفعوا به ولا تتعلموه لتتجملوا به" . (الدارمي، 1986 ، ج1 : 116)
ويرغب الله عز وجل عباده بالسعي إلى الأفضل والأرقى في شئون الحياة كلها حيث جاء في الحديث الشريف " إن الله تعالى كريم يحب الكرم جواد يحب الجود ، يحب معالي الأمور ويكره سفاسفها " (القرشي ، ب.ت : 19) ، ويحذر المولى سبحانه وتعالى من ترك ما فيه خير والأخذ بالأدنى " قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ " (البقرة ، آية : 61) .
وقد استعاذ رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام من كل علم لا نفع فيه ولا فائدة كما جاء في قوله : اللهم إني أعوذ بك من قلب لا يخشع ومن نفسٍ لا تشبع وعلم لا ينتفع به ودعوة لا يستجاب لها " (الترمذي ، ب.ت ، ج5 : 29) .
وقد اعتبر (ابن سحنون) أن من معايير العلم النافع ، اقترانه بالعمل ويتضح ذلك من خلال قوله : " من لم يعمل بعلمه لم ينفعه العلم بل يضره وإنما العلم نور يضعه الله تعالى في القلوب فإذا عُمل به نوّر الله قلبه ، وإن لم يعمل به وأحب الدنيا أعمى حب الدنيا قلبه ولم ينوره العلم " (المنظمة العربية للتربية والثقافة والفنون ، 1989 ، ج1 : 230) .
وشجع الرسول  على تعليم الناس ما فيه خير بقوله : " معلم الخير يستغفر له كل شيء حتى الحيتان في البحار " (الدارمي ، 1986 ، ج1 : 110) .
ويوصي (العاملي ، 1983 : 273) طالب العلم بأن يعتني بتحصيل الكتب المحتاج إليها في العلوم النافعة ما أمكن بكتابة أو شراء وإلا فبإجارة أو إعارة لأنها آلة التحصيل وكثير ما تدرب بها الأفاضل في الأزمان السابقة .
هـ- تدني نوعية التعليم المعاصر في بلاد المسلمين :
من قواعد المنهج الإسلامي في تربية العقل على الاهتمام بالكيف قبل الكم ، فليست الكثرة بالضرورة دليلاً على القوة والأصالة ، فالكيف أو النوعية مقدمة على الكم غير المجدي وقد جاء في محكم التنزيل " كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللّهِ وَاللّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ " (البقرة ، آية : 249) ، وقد حذر الرسول  مما أصاب الأمة اليوم من تداعي الأمم عليها ، إذ لم تجدِ الكثرة الغثائية في مواجهة التحديات إذ العبرة بالنوع لا بالكم ، مما يعطي مؤشراً على تدني مستوى المخرج التعليمي " يوشك أن تداعى عليكم الأمم من كل أفقْ كما تداعى الأكلة على قصعتها قلنا : يا رسول الله أمن قلة بنا يومئذٍ ؟ قال : أنتم يؤمئذٍ كثير ولكن تكونون غثاء كغثاء السيل ، ينتزع المهابة من قلوب عدوكم ويجعل في قلوبكم الوهن قال : قلنا : وما الوهن ؟ قال : حب الحياة وكراهية الموت " (ابن حنبل ، ب.ت ، ج5 : 278) .
ومع تزايد الطلب على التعليم المدرسي في بلاد المسلمين ، دون إدراج نوعية التعليم المقدم في عداد الأولويات واتباع أساليب بالية في التدريس تقوم على الاستظهار والاعتماد على معلمين عاجزين عن التكيف مع أساليب التعلم الحديثة قائمة على العمل التعاوني وحل المشكلات، كل ذلك شكل عقبة كبرى أمام توفير تعلم أفضل . (التعليم ذلك الكنز المكنون ، 1996 : 170)
لقد شهد التعليم في البلاد العربية والإسلامية ، انتشار مؤسسات تعليمية كثيرة في مختلف مراحل التعليم ، مما أدى إلى وفرة في عددها وفي المقابل انخفضت مستويات الطلبة العلمية والفكرية ولذا اتجهت المنظمات التربوية نحو الحفاظ على مستوى التعليم وتحسين نوعتيه . (مدني ، 1991 : 75)
وترتب على ما سبق سلبيات التعليم في بلاد المسلمين ، عجز النظام التعليمي عن إخراج المبدعين وغياب عقلية التخطيط والنقد والمراجعة وهذا يعني أن العطب قد أصاب أجهزة العملية التعليمية برمتها (حسنة ، 1992 : 56) ، وقد انتقد (حسنة ، 1995 : 73-75) مناهج التعليم في بلاد المسلمين من حيث كونها ربّت الحواس على الذلّ وروّضت النفوس على الهزيمة النفسية وتقبّل المنكر .
وفي ضوء ما سبق ، ينبغي إعادة النظر في الأنظمة التعليمية المعمول بها في بلاد المسلمين ، فالعيوب التي تجسدت فيها تمثل دافعاً قوياً لمراجعتها ، فالتقدم والعمران والازدهار ، لا يتأتى من خلال مناهج تعليمية بالية ، وهذا ما دفع – على سبيل المثال – أمريكا إلى مراجعة مناهجها التعليمية بعدما أحرز الروس السبق العلمي عندما نجحوا في إطلاق صاروخهم الأول في الفضاء الخارجي سنة (1957) أعقب ذلك اتساع حملة النقد للتعليم الأمريكي من حيث الأهداف والمحتوى والأساليب وحدث بالفعل تغيير في مناهج التعليم ، كان سبباً في تحقيق السبق العلمي والتكنولوجي لأمريكا في عالمنا المعاصر . (الشيباني ، 1985 : 19-25)
و- تشجيع الإسلام للتجديد والتطوير :
من القواعد المقررة ، أن الإسلام دين كل زمان ومكان ، وحاجات الناس تختلف باختلاف ظروف العصر الذي نعيش وهذا يقتضي إحداث تغير في النظم لتناسب هذه الظروف المتباينة (شلبي ، 1967 : 165) . ويقصد بالتجديد والتطوير هنا إحداث مجموعة من التغيرات في نظام تعليمي معين بقصد زيادة فعاليته أو جعله أكثر استجابة لحاجات الفرد والمجتمع (راشد ، 1993 : 185) .
ومن الأسباب المشجعة على التجديد والتطوير في النظام التعليمي ، الانفجار المعرفي والتقدم التكنولوجي الهائل في عصرنا الحالي ، إضافة إلى قصور المناهج التعليمية والرغبة في استشراف الحاجات والاتجاهات المستقبلية للفرد والمجتمع (راشد ، 1993 : 190) . إن محتوى التعليم ينبغي أن يتجدد ويتغير ليتناسب مع ظروف العصر حتى يكون مجدياً وقد أوصى بذلك الإمام علي رضي الله عنه بقوله " علموا أولادكم غير ما علمتم فإنهم خلقوا لزمان غير زمانكم " (الكيلاني ، 1985 : 48) .
إن تجديد العملية التعليمية وإحداث تغيرات فيها ، تأتي من منطلق التحسين والتفعيل والإصلاح ، وقد جاء الاقتران في كتاب الله العزيز بين الإيمان والصلاح كما جاء في قوله تعالى: "فَمَنْ آمَنَ وَأَصْلَحَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ" (الأنعام، آية: 48). وجاء على لسان نبي الله هود عليه السلام "إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ" (هود، آية: 88)، وحفز المولى سبحانه وتعالى على الإصلاح بقوله: "إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ" (الأعراف، آية: 170) .
إن عملية إصلاح التعليم في المنهج الإسلامي تسير على هدى وبصيرة وتأخذ بالأسباب مع التوكل على الله عز وجل وسؤاله التوفيق والسداد اقتداءً بفعل الرسول  الذي كان يستعين بالله عز وجل في كل أموره ودلل على ذلك دعاؤه " يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث أصلح لي شأني كله ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين " (البيهقي، 1989 ، ج1: 476) .
وحتى تسير عملية تحسين مفردات وعناصر النظام التعليمي لا بد من توعية جميع الأطراف والجهات المعنية بأهمية التغيير نحو الأفضل وتقبل ذلك عن قناعة وحماس بما يشكل حافزاً للانطلاق القوي نحو التميز وتوفير المناخ الملائم والمساعد على الإبداع وتحقيق أعلى درجات الإتقان والجودة .
ولعل من أبرز مقومات التجديد في العملية التعليمية ، تشجيع الإسلام لأهل العلم والاختصاص على الاجتهاد من خلال إعمال العقل والتأصل وإظهار الرأي بما يخدم المصلحة العامة والإسلام إذ يشجع على استحداث الجديد في حياة المسلمين ، يشترط فيه ألا يتعارض مع الأصول الإسلامية وقد جاء في التوجيه النبوي الشريف " من سنّ في الإسلام سنة حسنة فعمل بها بعده ، كتبت له مثل أجر من عمل بها ، ولا ينقص من أجورهم شيء ومن سنّ في الإسلام سنة سيئة فعمل بها بعده ، كتبت عليه مثل وزر من عمل بها ولا ينقص من أوزارهم شيئاً " (مسلم ، ب.ت ، ج4 : 226) .
وإذا كان التجديد حافزاً على تحسين وتجويد العملية التعليمية ، فإن الانفتاح على الخبرات النافعة من أبرز مداخله ، وقد حثت السنة النبوية المطهرة على تلمّس مواطن الحكمة عند الآخرين والنظر فيما عندهم لتحقيق الفائدة المرجوة " الكلمة الحكمة ضالة المؤمن حيث وجدها فهو أحق بها " (ابن ماجة ، ب.ت ، ج2 : 1395) ، وقد دعا (زادة ، 1968 ، ج1 : 177) المسلمين إلى الانفتاح على ثقافة وفكر الآخرين وعدم الاقتصار على نتاج العقول الإسلامية ، واعتبر بعض العلماء المسلمين الرحلة سبباً رئيساً لتناقل الخبرات واتصال الشعوب واكتشاف الجديد وكسب العلوم وتعلم طرق وأساليب التدريس المختلفة ، مما يؤدي إلى إتقان العلوم وفهمها " (شمس الدين، 1986 ، ج1 : 193) .
ونصح (أبو حنيفة) بتنظيم منهاج يجعل المتعلم مطلعاً على مستجدات العصر من حيث الفكر والثقافة، بحيث يساعده على مجابهة التحديات التي تواجهه. (الكيلاني، 1985: 90). ووجه (الزرنوجي) المتعلم إلى الاستفادة من الشيوخ الذين حصلت لديهم الخبرة والتجربة وذلك من خلال المشاهدة والمخالطة (الوحيدي ، 1990 : 40) .


الإجابة عن السؤال الثالث ونصه : " ما معايير الجودة المتعلقة بالعملية التعليمية كما يراها علماء التربية المسلمون ؟ "
من بديهيات القول ، أن الحديث عن الجودة في العملية التعليمية لا يمكن أن يكون بعيداً عن المعايير الواضحة المحددة والتي في ضوءها يتم تقويم العمل التعليمي والحكم عليه بموضوعية ودرجة عالية من الثقة والاطمئنان .
والمعايير في اللغة أصلها معيار وهو نموذج متحقق أو متصور لما ينبغي أن يكون عليه الشيء (مصطفى ، 1989 : 639) .
وتعرف المعايير اصطلاحاً بأنها عبارة عن مقاييس من خلالها يُحكم على أعمال الإنسان وسلوكه . (السمالوطي ، 1980 : 201)
ويقصد الباحثان بمعايير الجودة هنا " جملة المقاييس والمواصفات التي أقرّها العلماء المسلمون والتي في ضوءها يتم الحكم على جودة العملية التعليمية كمدخلات ومخرجات " ومن خلال استقراء أقوال العلماء المسلمين فيما يخص العملية التعليمية بكل عناصرها وأبعادها أمكن إجمال أبرز معايير الجودة الخاصة بها فيما يلي :
أ- معايير جودة المحتوى :
وتتلخص هذه المعايير في الآتي :
1- أن يؤدي المحتوى التعليمي، إلى خشية الله عز وجل وليس مجرد حفظ المعلومات وبقول ابن مسعود في ذلك: "ليس العلم بكثرة الرواية، إنما العلم خشية لله" (ابن عبد البر، 1977، ج2: 52)، وينسجم ذلك مع قوله عز وجل : " إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء " (فاطر ، آية: 28).
2- أن يعزز كريم الأخلاق مع إثراء المعلومات :
أخبر الرسول  عن جوهر رسالته التي يحملها والتي تمثلت في ترفيه الأخلاق وإتمامها لقوله: "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق" (النيسابوري ، 1990 ، ج2 : 670) ، وقدم  إحسان التأديب على إحسان التعليم قوله : " ثلاثٌ لهم أجران ، أحدهم رجلٌ كانت عنده أمة يطؤها فأدبها فأحسن تأديبها وعلمها فأحسن تعليمها ثم أعتقها فتزوجها فله أجران " (البخاري ، 1987 ، ج1 : 48) .
وإذا كانت الحضارة ، لا تقوم إلا بالعلم والتقدم العلمي ، وما لم يخضع التعليم للتوجيه الأخلاقي ، فإنه سيجلب مفاسد وشروراً على الناس ، وإذا كان العلماء يبنون الحضارة والمدنية ، فإن الفاسدين منهم يهدمونها ، وقد جاء في الحديث الشريف " إن شر الشر شراء العلماء وإن خير الخير خيار العلماء " (الدارمي ، 1986 ، ج1 : 104) ومن الخطأ الظن أن " مجرد التعليم بحشو الأذهان بالمعلومات المقررة وتوصيلها إلى الأذهان ، يؤدي إلى تربية الأجيال ويرتقي بهم إلى الكمال، ومن الأدلة على ذلك أن ارتفاع نسبة التعليم في المجتمعات لم يؤدِ إلى إقلال الشرور والجرائم كما يلحظ اليوم ، أن نسبة الجرائم بين المتعلمين لا تقل عما لدى غير المتعلمين حتى في أكثر الدول تقدماً في المجالات العلمية " (يالجن ، 1989 : 211) ، وما من شك في أن للأخلاق أثراً كبيراً في العملية التعليمية تكمن في تزكية المتعلم من الرذائل وتأدبه مع أساتذته كما يؤثر في تحصيله إيجاباً ، حينما يتحلى بالصبر ، كما أن للأخلاق دوراً فاعلاً في علاج بعض المشكلات التعليمية مثل ظاهرة الغش في الامتحانات ومحاباة المعلم لبعض الطلبة في إعطاء الدرجات (يالجن ، 1996 : 265) .
إن مفهم التعليم يتسع ليشمل تهذيب المتعلم ورعايته من ناحية أخلاقية ومساعدته في تكوين قيم ومُثل واتجاهات أخلاقية وذلك باستخدام ما أمكن من وسائل التعليم من أجل " حسن تربيته وتحسين خلقه وإصلاح شأنه " . (ابن جُماعة ، 1933 : 53)
ويؤكد (الأكفاني) في أكثر من موضع على أهمية التعليم في بناء الخلق القويم من خلال قوله: "فإنه لا شيء أشنع ولا أقبح بالإنسان –مع ما فضله الله به من المنطق– من أن يتولى تعلم الآداب والعلوم والصنائع ويهمل نفسه ويعريها من الفضائل " (رجب ، 1999 : 162).
وينفي (الغزالي) صفة العلم عن كل طالب يتعلم دون أن تستقيم أخلاقه حيث يقول في ذلك: " فإن قلت فكم طالب رديء الأخلاق ، حصل العلوم مما أبعد له عن فهم العلم الحقيقي الجالب للسعادة ، فما يحصله صاحب الأخلاق الرديّة ، حديث ينظمه بلسانه مرة وبقلبه أخرى وكلام يردده ولو ظهر نور العلم على قلبه ، لحسنت أخلاقه ومن لم يحصل على هذه الصفات ، لا يُحسب متعلماً " (الغزالي ، ب.ت : 144) .
وقد أوصى حبيب الشهيد – وهو من الفقهاء – ابنه فقال : " يا بني اصحب الفقهاء وتعلم منهم وخذ من أدبهم، فإنه أحب إلي من كثير من الحديث " (ابن عبد البر ، 1977 ، ج1: 127)، وحتى ينجح المعلم في تعزيز فضائل الأخلاق لدى طلبته ، فلا بد أن يبادر ابتداءً إلى تزكية نفسه وترفيه أخلاقه أكثر من الاعتبار بتحسين علمه ونشره ، ذلك أن الطالب لا يقتصر على تعلم المعرفة التي تقدم له وإنما يتعلم أسلوب المعلم في التفكير والمعالجة والبحث ويتأثر بمواقفه واتجاهاته (الغزالي، ب.ت: 145، 146)، وفي السياق نفسه حث (ابن جماعة، 1933: 20) المعلم على " أن يطهّر باطنه وظاهره من الأخلاق الرديئة ويعمره بالأخلاق المرضية ".
وعملاً بالتوجيه النبوي الشريف " من ترك الكذب ، وهو باطلٌ بني له في ريض الجنة ومن ترك المراء وهو محق بني له في وسطها ومن حسّن خلقه بني له في أعلاها " (الترمذي ، ب.ت ، ج4 : 358) فإن على المعلم أن يعزز روح المبادرة الذاتية لدى المتعلمين نحو تحسين أخلاقهم وتجويدها .
3- تقديم الخبرات العملية المفيدة :
ما لم يترتب على العلم من فائدة عملية يصبح الجهد التعليمي مضيعة للوقت والجهد ويقول (الشاطبي) في ذلك " كل مسألة لا يُبنى عليها عمل، فالخوض فيها خوض فيما لم يدل على استجابة دليل شرعي وأعني بالعمل عمل القلب وعمل الجوارح من حيث ما هو مطلوب شرعاً " (القرضاوي ، 1994 : 20) .
فالمحتوى التعليمي ينبغي أن يكون أصيلاً من صلب العلم وجوهره لا من قشوره وحشوه وفضوله مما لا معنى له ولا فائدة (القرضاوي ، 1994 : 13) ، وقد نصح (الزرنوجي) طالب العلم " أن يختار من كل علم أحسنه وما يحتاج إليه في أمر دينه في الحال ثم ما يحتاج إليه في المآل " (الوحيدي ، 1990 : 31).
وقد وجه الرسول المعلم  أصحابه إلى تلمس العلم العملي النافع الذي يؤدي وظيفة ملحة في الحياة حيث جاء في الحديث الشريف عن يزيد بن ثابت رضي الله عنه قال : " أمرني رسول الله  أن أتعلم له كتاب يهود قال : إني والله ما آمن على كتاب قال : فما مر بي نصف شهر حتى تعلمته له قال : فلما تعلمته كان إذا كتب إلى يهود كتبت له وإذا كُتب إليه قرأت له كتابهم " (الترمذي ، ب.ت ، ج5 : 2165) .
4- احتواؤه للمادة العلمية الصحيحة والدقيقة:
حذر (السمعاني) المعلم من الأخذ عن رجال ضعاف وغير موثقين وأرشده إلى ذكر مصادر المعرفة التي يقدمها لطلابه (رجب، 1999: 93) .
ومن واجبات المعلم قبل انفضاض مجلسه ، أن يتأكد من صحة ما كتبه طلابه ، فقد يخطئون النقل والاستماع أو الكتابة وعلى المتعلم أن يعرض القسط الذي كتبه على أستاذه لضمان الصحة والإتقان (رجب ، 1999 : 104) ، ولضمان صحة المعلومات التي يقدمها المعلم لطلابه ينصحه (السمعاني) بعدم الاعتماد على ذاكرته فقط ، لأن الحفظ خوّان ويستدعي ذلك منه الاستعانة بالكتاب (رجب ، 1999 : 99) .
5- اشتماله على ما يمتع النفس ويدخل السرور إليها :
ضمن معايير قبول العلم ، تضمنه ما فيه إمتاع للنفس من مِلَح وطرائف يحتاج إليها الإنسان بعد كلال الذهن والبدن (القرضاوي ، 1994 : 15) .
و" النفس الإنسانية بطبيعتها لا تستطيع ملازمة الأعمال، بل ترتاح إلى تنقل الأحوال، فإذا عاهدتها بالنوادر في بعض الأحيان ولاطفتها بالفكاهات في أحد الأزمان عادت إلى العمل الجد نشطة جديدة " (النويري ، ب.ت : 1) .
ومن الملحوظ أن الرسول  كان يلجأ إلى شيء من الملاطفة والمداعبة إلى نفوس أصحابه أثناء تعليمهم وتهذيبهم و" قد أتى رجل إلى النبي  وهو يُعد للجهاد فقال له : احملني يا رسول الله فقال النبي  : إنا حاملوك على ولد الناقة فقال الرجل : وما أصنع بولد الناقة ؟ فقال النبي  : وهل تلد الإبل إلا النوق " (ابن حنبل ، ب.ت ، ج2 : 322) .

6- مراعاة التدرج في المعلومات :
أشار (الماوردي) إلى أهمية التدرج في تقديم المعلومات، واعتبر ذلك شرطاً أساساً لإتقان التعلم، فالعلوم أوائل تؤدي إلى أواخرها ومداخل تفضي إلى حقائقها (أبو العينين، ب.ت: 383) ، وحث (الغزالي ، 1964 : 349) على مراعاة الترتيب في تقديم العلم فيبدأ بالأهم فالمهم.
وفي إطار مراعاة التدرج في تقديم المعلومات للمتعلم ، طالب (ابن خلدون) المعلم بعدم الخلط بين المسائل التعليمية الواردة في الكتاب الواحد ومراعاة الترتيب في عرضها ، بهدف الانتقال بالمتعلم من مستوى لآخر ، وإذا لم يراع المعلم ذلك ، فإن الكلال والملل سيصيب المتعلم، وربما دفعه ذلك إلى هجر العلم (النجار وزميله ، 1985 : 178) .
ب- معايير جودة المقرر الدراسي :
دعا (الزرنوجي) إلى تجويد الكتاب المقرر وإتقان إخراجه (الوحيدي ، 1990 : 36) فالكتب المراد تعلمها ينبغي أن تكون جيدة وتُُختار بدقة تامة ، ويستدل عليه من خلال مؤلفيها أصحاب التجارب الوثيقة والفكر السديد (رجب ، 1999 : 164) ، ومن أبرز معايير الجودة في الكتاب المعتمد للتعلم – كما أرتأى العلماء المسلمون – ما يلي :
1- احتواؤه على العلم النافع المفيد .
2- الإيجاز ووضوح التعبير قدر الإمكان .
3- الدقة في اختيار البراهين . (رجب ، 1999 : 168)
4- دقة وصحة المعلومات المتضمنة في الكتاب .
5- حسن الخط وجماله . (العاملي ، 1983 : 277)
ج- معايير جودة التحصيل :
الفهم الجيد أساس العلم ، وبدونه لا يمكن تكوين القدرة العلمية الصحيحة ، والتحصيل هو نتاج الجهد التعليمي المبذول وهو مؤشر على جودة العملية التعليمية وإن مجرد الحفظ للمعلومات دون وعي وفهم لا قيمة له وفي ذلك يقول (العاملي ، 1983 : 192) " خبر تدريه خيرٌ من ألف خبر ترويه " ، ويبين (العاملي ، 1983 : 190) لطلاب علم التفسير أن الحفظ ليس مقصود العلم وهدفه ، وأن فائدته تكمن في فهم المعاني على نحو يمكن المتعلم من استخدام ما تعلمه في الأحكام والمواعظ والأمر والنهي. وحث (ابن جماعة، 1933 : 52) المعلم على بذل جهده في تفهيم طلابه وتقريب المعنى لهم .
فتحصيل الطلبة إنما يقاس بدرجة فهمهم وإدراكهم لا بحجم المعلومات التي يحفظونها، ولذا نُصح المعلم بإتاحة الفرص للطلبة من حين لآخر حتى يسألوا ويستفسروا فيوضح لهم ما أبهم (العاملي ، 1983 : 93) . ويتفق هذا مع الاتجاه الجديد في التعليم المعاصر حيث تبنى فكرة التعلم الإتقاني ، الذي يرتكز على إتقان المتعلم للمادة الدراسية والوصول إلى درجة التمكن من المعلومات أو المهارات ، فالمعلمون لا يكتفون بحصول الطالب على درجة النجاح وإنما يحرصون على وصوله إلى أقصى درجة ممكنة من التحصيل . (شحاتة ، 2003: 113)
ج- معايير جودة طريقة التدريس :
تطرق علماء التربية المسلمون ، في مواضع عديدة من كتاباتهم إلى الحديث عن مواصفات الطريقة الجيدة في التدريس والتي تعد عاملاً أساساً في جودة التحصيل وتحقيق الأهداف التعليمية المنشودة ، ويمكن تلخيص هذه المعايير فيما يلي :
1- اعتمادها على التخطيط المحكم :
فمن الطبيعي أن تخطيط المعلم لدرسه ، يجنّب عمله العشوائية ، كما يمكنه من تنظيم عناصر الموقف التعليمي ويساعده على مواجهة المواقف التعليمية بروح معنوية عالية فضلاً عن كونه يساعده على تطوير وتحسين العملية التعليمية من خلال تقديم مقترحات جديدة (الزيور وآخرون ، 1989 : 138 ، 139)، وحث (زادة ، 1968 ، ج1 : 49-53) المعلم على التحضير الجيد لدرسه والاجتهاد في جميع المعلومات الشاردة والواردة من مصادر عديدة ، فالمعلم لا يلقي درسه إلا بعد التأكد من معرفته وإتقانه .

2- تركيز المعلم حديثه على موضوع درسه وعدم الاستطراد في مواضيع جانبية ، تشتت انتباه التلاميذ وتصرفهم عن مقصود الدرس فالمعلم ينبغي ألا يبحث في مقام أو يتكلم على فائدة إلا في موضعها . (ابن جماعة ، 1933 : 38 ، 39)

3- تهيئة المتعلمين للدرس :
ويتم ذلك من خلال :
- الجلوس البارز لجميع الحاضرين وطلاقة الوجه وحسن السلام. (ابن جماعة، 1933 : 68)
- إعطاء المعلم تلاميذه نبذة أو فكرة عن موضوع الدرس مثيراً دوافعهم ومهيئاً أذهانهم . (ابن جماعة ، 1933 : 38).
4- حسن الإلقاء:
انتقد (زادة ، 1968 ، ج1 : 48) المعلم الذي لا يحسن إلقاء درسه ويكتفي بحفظ المعلومات وتلقينها لطلابه واعتبر ذلك سبباً في إهمال المتعلم لقواه وقدراته العقلية .
ولقد أثبتت نتائج الدراسات التربوية الحديثة ، أن الإلقاء الجيد ، أكثر فعالية من تقديم التوجيهات المكتوبة ، خاصة إذا صاحبه التوضيح والتبسيط ، كما أنه وسيلة ناجعة لتنمية الاتجاهات والمثل ، وهذا ما لا يتوفر في الصفحة المطبوعة ذات الأثر الضعيف في هذا المجال . (ريان ، 1984 : 33)
ويؤكد (ابن جماعة ، 1933 : 51 ، 52) على أن الإلقاء الجيد أكثر فائدة وأتم نفعاً ، إذا صاحبه الشرح والتوضيح وحسن التلطف وبذل الجهد من قبل المعلم في تقريب المعنى.
5- مراعاة الرفق بالمتعلم وعدم تحميله أكثر من طاقته :
فالطريقة الجيدة في التدريس ، تراعي القدرة العقلية والجسدية للمتعلم ، فلا يصح للمعلم أن يحمله ما لا يطيق جسده من الجهد والتكليف، حتى لا يسأم وينفر (ابن جماعة، 1933 : 54)، وينسجم هذا مع التوجيه القرآني " لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا " (البقرة ، آية : 286) .
وكان من هدي الرسول  في التعليم ، تجزئة المادة التعليمية إلى مجموعات حتى يسهل استيعابها وفي ذلك مراعاة لقدراتهم الذهنية كما أنه يتضمن التيسير على المتعلم ، وقد جاء في الحديث النبوي الشريف " عن أبي عبد الرحمن قال : حدثنا من كان يقرئنا من أصحاب رسول الله  أنهم كانوا يقترئون القرآن من رسول الله  عشر آيات ، فلا يأخذون في العشر الأخرى حتى يعلموا ما في هذه من العلم والعمل قالوا : فعلمنا العلم والعمل " (ابن حنبل ، ب.ت، ج5 : 410) .


6- تأكيدها على استخدام الحواس :
أكد (إخوان الصفا ، 1995 ، ج1 : 399-401) على أن التعلم يتم مباشرة عن طريق الحواس من خلال المباشرة والإحاطة والمخالطة.
وقد انتقد (ابن تيمية ، ج9 : 227) الأساليب التعليمية الشائعة في زمانه والتي تقتصر على مجرد الإخبار والتلقين وحث على استعمال القوى السمعية والحسية .
7- اعتمادها على الحوار :
فحصول الملكة والإتقان، يلزمهما فتق اللسان بالمحاورة والمناظرة في المسائل العلمية، ويتطلب ذلك انتظام المتعلم في الدراسة حتى ترسخ وتنمو قدراته . (ابن خلدون ، ب.ت : 146)
وأشارت بعض الدراسات الحديثة إلى مزايا الحوار ولخصت آثاره الإيجابية على المتعلم والتي من أبرزها :
- احتواؤه على عنصر التشويق وشحذه للذهن وحثه المتعلم على الانتباه وإغراؤه بالمتابعة مما يبعد عنه الملل ويجدد نشاطه .
- تشجيعه على المبادرة الذاتية والمشاركة الفاعلة في الموقف التعليمي. (الزنتاني، 1993: 205).
8- الاهتمام بالممارسة والتطبيق وعدم الإغراق في التعليم اللفظي :
التلازم بين العلم والعمل هو المبدأ والأساس في تعليمنا الإسلامي وقد عبر عن حالة التفاعل والتكامل بينهما (ابن المقفع) بقوله : " العلم روح والعمل بدن والعلم أصلٌ والعمل فرع والعلم والد والعمل مولود" (شمس الدين ، 1985 : 150) والذي يجهد نفسه في تحصيل المعرفة، ويقف عند حد التحصيل دون التطبيق ، فكأنه مثل الذي يزرع شجرة ما ، يعجبه منظرها لكن لا يستفيد بثمرها (الزمخشري ، 1933 : 198) ، فالممارسة سبيل التعلم كما الصناعات ، فمن أراد تعلّم الكتابة فسبيله أن يتعاطا ما يتعاطاه الكاتب الحاذق وهو التدريب على الخط الحسن حتى يصير له ملكة راسخة (الغزالي ، 1964 : 66 ، 67)، ومن الجدير ذكره في هذا المقام أن تعليمنا المعاصر ، يعتبر أنه لا قيمة لمقدار المعلومات التي يكتسبها الطالب ويقوم بتسميعها ما لم يستطع تطبيقها واستخدامها في المواقف العملية (ريان ، 1984 : 33) .


9- يتيح الفرص للمتعلم لاستخدام أساليب المنهج العلمي :
حذر (الجاحظ) من الاتكال على الحفظ دون تعمق وقد دعا إلى الاعتماد على الملاحظة والفحص والاختبار والتجربة (رجب، 1999 : 20) وأكَّد (ابن خلدون ، ب.ت : 555) على التعلم بالاكتشاف وتفريغ المسائل واستنتاج الأدلة وهذا يزيد طالب العلم تمكناً في قدراته وإيضاحاً للمعاني المقصودة.
10- التنوع في الأساليب بما يلائم الموقف التعليمي :
فالمعلم لا يحتاج إلى إتقان المادة العلمية وامتلاك ناصيتها فحسب ، بل عليه أن يكون عارفاً بأساليب التعلم ، متقناً في تنويعها بما يخدم الموقف التعليمي ويساعده على توصيل المعلومات إلى عقول طلابه بكفاءة عالية . (النحلاوي ، 1982 : 174)
وحث (السعدي ، ب.ت : 651) المعلم على استخدام ما يستطيع من الأساليب كضرب الأمثال والتصوير والتحرير لإيصال المسائل إلى أفهام المتعلمين .

هـ- معايير جودة المذاكرة لدى المتعلم :
لا شك أن معرفة طلاب العلم لعادات الاستذكار السليمة ، مفيدة جداً لزيادة تحصيلهم وتحسين درجاتهم العلمية ودلت الأبحاث العلمية على أن سبب فشل كثير من الطلبة لا يرجع إلى ضعف قدراتهم العقلية بقدر ما يعود إلى جهلهم بأساليب الاستذكار الصحيحة وإلى اكتسابهم عادات استذكار ضارة تعوق فهمهم لدراستهم . (عثمان ، 1996 : 5)
وقدم العلماء المسلمون نصائح لطالب العلم متعلقة بالمذاكرة الجيدة والمنتجة ، وهي بطبيعتها معايير يمكن الاعتماد عليها في الحكم على فعالية طريقة المذاكرة التي ينتهجها طلبة العلم ، ويمكن إجمال أبرز هذه المعايير في الآتي :
1- ارتكازها المسبق على مواظبة المتعلم على حضور الدروس وحسن التوكل على الله عز وجل . (المنظمة العربية للتربية والثقافة ، ج3 ، 1989 : 185)
2- الانتباه والتركيز وعدم تشتت الذهن ويتطلب ذلك اختيار المكان المناسب البعيد عن الملهيات كالأسواق وقوارع الطرق التي تكثر فيها الحركات التي تتمنع من خلو القلب . (العاملي ، 1983 : 127 ، 128)
3- اغتنام الوقت الصالح للمطالعة ، وهو الوقت الذي يشعر فيه المتعلم بالنشاط وهمة البدن وقوة الذهن وصفاء النفس ونباهة الخاطر وقلة الشواغل . (العاملي ، 1983 : 127 ، 128)
4- اختيار الأوقات المناسبة حسب غرض المذاكرة حيث إن " أجود الأوقات للحفظ الأسحار وللبحث الأبكار وللكتابة وسط النهار وللمطالعة والمذاكرة الليل" (ابن جماعة، 1933 : 57) ويلحظ من التقسيمة السابقة لأوقات المذاكرة ، حث العلماء المسلمين المتعلم على بذل الجهد المتواصل والدؤوب في الاطلاع والمذاكرة طوال اليوم بما يكفل إتقان التعلم وتحقيق التفوق الدراسي لديه .
5- التكرار الواعي لما تم حفظه واستيعابه :
دلت التجارب الشخصية على أن تكرار ما تم حفظه وإدراكه جيداً، يثبت في الذهن إلى فترات طويلة من الزمن ومثال ذلك جداول الضرب وبعض أناشيد الطفولة التي رددناها قديماً ولم نزل نحتفظ بها وقد أوصى (العاملي، 1983: 41) المتعلم بأن "يعتني بتصحيح درسه الذي يحفظه حفظاً محكماً ثم يكرره بعد حفظه تكراراً جيداً ثم يتعاهده في أوقات يقررها ليترسخ رسوخاً مؤكداً ويراعيه، بحيث لا يزال محفوظاً جيداً"، وحدد (جابر) لطالبه كيفية معينة في القراءة الصحيحة ، تتمثل في قراءة الكتاب ثلاث مرات متتالية ، الأولى ليتثبت من صحة الألفاظ ومعانيها والثانية لدراسة النص من حيث المعاني المباشرة بغية الوصول إلى المعاني البعيدة والخفية وأما القراءة الثالثة ، فهي تبويب المعاني وتصنيفها حتى يحقق الغرض المرجو من موضوع الدراسة (علي ، 1991 : 334) .

و- معايير جودة المبنى الدراسي :
أشارت العديد من الدراسات العلمية، إلى أهمية موقع ومساحة المبنى الدراسي والشروط الصحية اللازمة لمرافقه وأثر ذلك على جودة العملية التعليمية ، فالمباني الجيدة لها تأثير جيد على صحة شاغليها من التلاميذ والموظفين ، كما أن الحياة المدرسية الصحية ، تؤدي إلى تكوين العادات الصحية وتربي النشء على النواحي المعيشية السليمة (طعيمة وآخرون ، 2006 :253)، ومن وجهة نظر علماء التربية ، فإن مواصفات المبنى الدراسي الجيد تتلخص فيما يلي :
1- تواجد المبنى الدراسي في مكان صحي وهادئ حيث لا غبار ولا دخان ولا إزعاج فيه ولا ضوضاء ، تشغل الفكر وتشوش النفس بشكل يعيق التحصيل .
2- سعة المبنى ووجوده في مكان آمن . (العاملي ، 1983 : 101)
3- احتواؤه على الأبواب والنوافذ والشماسات (مظلة خشبية) تقام فوق الأبواب والنوافذ لتحمي الداخل إليها من الشمس والمطر .
4- اشتماله على المرافق الخدماتية الأساسية ، كالحمامات والمطابخ للطهي والمسجد لإقامة الصلاة وبقربه المتوضأ والساعات لمعرفة الوقت .
5- توافر الناحية الجمالية في المبنى وذلك من خلال وجود الزخارف والفضيات المملوءة بالمياه وسط المبنى إضافة إلى تزيين المباني بالرسومات واللوحات القرآنية التي تحلي العمد والجدران بزخارفها الجميلة والشبابيك النحاسية ذات الأشكال الرائعة. (النقيب، 1984: 109)

ز- معايير الجودة المتعلقة بإدارة الصف :
تحدث علماء التربية المسلمون ، عن مقومات أساسية تشكل عناصر جودة في إدارة
الموقف التعليمي وتساعد على تحقيق الأهداف المنشودة على أتم وجه، ويمكن إجمالها في الآتي:
1- توافر الهدوء وقت الدرس ، وعلى المعلم أن يجتهد في تجنيب مجلسه العلمي ، الأصوات العالية أو الصياح وما شابه ذلك . (ابن جماعة ، 1933 : 40 ، 41)
وما من شك في أن المعلم والتلاميذ في حاجة إلى مناخ تعليمي يتسم بالهدوء حتى يسهل عملية التفاعل المثمر بينهما من ناحية وبين التلاميذ أنفسهم من ناحية أخرى ، وهذا التفاعل يكون نتاجه التعلم الجيد . (شفشق وزميلته ، 1995 : 11) ، وقد حث (السمعاني) المعلم على عدم بدء درسه في جو من الفوضى ، وعليه أن ينتظر حتى يكون الطلبة مهيئين للتعلم ، وطالب المستملي (المعيد) باستنصات الجالسين (رجب ، 1999 : 197)
2- اليقظة التامة للمتعلم وتركيز الانتباه والفكر، ولذلك أثر إيجابي عليه، إذ يقوده الإتقان والعناية بكل ما يتعلم كما يربي فكره على الوضوح واستبعاد اللبس والغموض . (المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم ، 1989 ، ج4 : 38)
ومن واجب المعلم التأكد أثناء درسه من تمام متابعة تلاميذه لما يقول ويمكن التحقق من ذلك بعد الفراغ من شرح فكرة أو عرض عنصر من عناصر درسه من خلال طرح أسئلة متعلقة بما قام بشرحه . (ابن جماعة ، 1933 : 53) .

Anwar

:: منسق إداري ::

#2
- توافر المناخ النفسي والاجتماعي المحفز على التعليم :
- أثبتت نتائج دراسات عديدة أن هناك علاقة قوية بين نوع المناخ السائد أثناء التدريس وكم العمل الذي ينجزه التلاميذ ونوع حصيلة التعلم ، فالجو الذي يشيع فيه الشعور بالدفء والصداقة في العلاقات ، يساعد على تحقيق الكثير من الأهداف ، التي يسعى المعلم إلى بلوغها إضافة إلى أنه يزيد من مستوى دافعية التلاميذ للتعلم ومبادرتهم إلى المشاركة الإيجابية في كل ما تحتويه الخبرات التعليمية من أنشطة . (الزيور وآخرون ، 1989 : 18)
- فالعلاقة الحسنة بين المعلم وطلبته ، من المكونات الرئيسة في أي نظام للإدارة الصفية، وتنعكس هذه العلاقة على سلوك الطلبة من خلال تأثيرها الإيجابي على اتجاهاتهم نحو المعلم والمدرسة بشكل عام ، كما أنها تزيد من احتمالات تعاونهم مع المعلم واتباعهم للتعليمات المدرسية . (هارون ، 2003 : 270)
- وقد اعتبر (الماوردي ، 1973 : 107) أن " أول عوامل التشويق أن تكون بين العالم والمتعلم صلات حسنة " كما أكد (ابن جماعة ، ب.ت : 116) على ضرورة ترغيب الطلبة في التحصيل والتهوين عليهم .
- وحث (الماوردي ، 1973 : 93) المعلمين على "ألا يمنعوا طالباً ولا ينفروا راغباً ولا يؤيّسوا متعلماً لما في ذلك من قطع الرغبة فيهم"، فالمعلم ينبغي أن يكون رفيقاً بتلاميذه، يسلك سلوك هدي الأنبياء وطريقتهم في التبليغ ، حيث الصبر والاحتمال ومقابلة إساءة الناس إليهم بالإحسان والرفق بهم واستجلابهم إلى الله بأحسن الطرق (ابن القيم ، ب.ت ، ج1 : 66) . وينسجم هذا مع منهج الرسول  في تعليم أصحابه رضوان الله عليهم، ومن الأمثلة على ذلك ما رواه الإمام مسلم عن معاوية بن الحكم السلمي " قال : بينما أنا أصلي مع رسول الله  إذ عطس رجل من القوم فقلت : يرحمك الله فرماني القوم بأبصارهم فقلت : ما شأنكم تنظرون إليّ فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم فلما رأيتهم يصمْتونني لكنّي سكت ، فلما صلى الرسول  فبأبي هو وأمي ما رأيت معلماً قبله ولا بعده أحسن تعليماً منه فوالله ما ضربني ولا شتمني قال : إن هذه الصلاة لا يصح فيها شيء من كلام الناس، إنما هو التسبيح والتكبير وتلاوة القرآن " (مسلم ، ب.ت ، ج1 : 381).
4- ممارسة المعلم الاتصال اللفظي وغير اللفظي على أفضل وجه :
تعد اللغة أكثر أدوات الاتصال استخداماً ًخلال الأنشطة التعليمية ، كما أن المعلم مصدر الاستثارة الأساسي لدافعية التعلم لدى التلاميذ ، من خلال تعبيره اللفظي وغير اللفظي (راشد ، 1993 : 126) وعادة ما يكون تعلم الطلبة القيام بالأشياء في حالة استخدام المعلم لغة إيجابية أسهل ، كما أن الرسائل اللفظية غير المشجعة ، تستجر مقاومة الطلبة وتمردهم وتؤثر سلباً على دافعية التعلم (هارون ، 2003 : 193-197) ، وأولى العلماء المسلمون اهتماماً كبيراً بلغة المعلم وخطابه الموجه لطلبته ، وقد حددوا له مواصفات لجودة الخطاب واللغة التي يستخدمها مع طلابه والتي يمكن تلخيصها فيما يلي :
- استخدام الكلام اللطيف مع المتعلم وينسجم ذلك مع التوجيه القرآني "قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَآ أَذًى" (البقرة ، آية : 363)، وجاء في الحديث الشريف "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت" (مسلم ، ب.ت ، ج1 : 268) ، وأوصى (الآجري، 1984: 77) المعلم باستخدام حسن الحديث وطيب الكلام وعدم الخوض في فضول الكلام الزائد عن الضرورة . وحث (العاملي ، 1983 : 178) المعلم على أن يبدأ الدرس بأعذب ما يمكن من الألفاظ .
وما من شك في أن الكلمات اللطيفة ، تشجع الطالب وتقوي روحه المعنوية وتترك في نفسه أحسن الأثر مما يجعله يحب مدرسيه ويتفتح ذهنه للدرس (البقعاوي، 2000 : 281).
- تأنّي المعلم في إلقائه وعدم التعجل ، ليتمكن الطالب من متابعته وإعمال فكره ويصف (ابن جماعة ، 1933 : 123 ، 124) ذلك بقوله : " لا يسرد الكلام سرداً بل يرتله ويرتبه ويتمهل فيه " .
- الاعتدال في الصوت على قدر الحاجة ، فلا يخفض المعلم صوته خفضاً لا يحصل معه تمام الفائدة أو يجهد الآذان في سماعه ولا يرفع صوته إلى درجة التشويش على الطلبة وتصديع رؤوسهم . (ابن جماعة ، 1933 : 188)
- عدم إطالة الكلام خشية السآمة والملل وفتور الطلبة . (رجب ، 1999 : 103)
- توجيه المعلم كلامه إلى الطلاب جميعاً فلا يخصص بحديثه بعضاً دون بعض ولا يظهر للطلبة تفضيل بعضهم على بعض ويكون نظره إليهم جميعاً عند الشرح. (ابن جماعة، 1933 : 151)
- تنويع المعلم في الكلام بما يراعي الفروق الفردية بين التلاميذ وعبر عن هذا قول (العاملي ، 1983 : 166 ، 167) " ولا يعطيه ما لا يحتمله ذهنه ولا يبسط الكلام بسطاً لا يضبطه حفظه ولا يقصر به عما يحتمله بلا مشقة ويخاطب كل واحد منهم على قدر درجته وبحسب فهمه " .
- احترام المتعلمين وتوقيرهم من خلال مناداتهم بأحب الأسماء إليهم ، فإن ذلك أشرح لصدورهم وأبسط لسؤالهم وأجلب لمحبتهم . (العاملي ، 1983 : 165)
- عدم احتكار المعلم للكلام أثناء الدرس وإعطاء فرصة للطلبة لكي يتحدثوا ويعبروا عما يجول في خاطرهم وفي ذلك تأكيد على فعالية المتعلم وإيجابيته فهو ليس مجرد متلقي ، والاتصال اللفظي لا ينبغي أن يسير في اتجاه واحد من المعلم إلى المتعلم وعبر عن هذا قول (ابن جماعة ، 1933 : 139) " إذا فرغ المعلم من مسألة أو فصل سكت قليلاً حتى يتكلم من في نفسه فإذا لم يسكت هذه السكتة فآتت الفائدة " .
- تدعيم المعلم كلامه ، باستخدام اللغة الصامتة غير اللفظية ، كأن يلتفت بوجهه إلى الطلبة جميعاً و"يخص من يكلمه أو يسأله بمزيد من الالتفات والإقبال عليه" (ابن جماعة، 1933: 34)، وطالب (العاملي ، 1983 : 176) المعلم بأن يجلس في موضع يبرز وجهه فيه لجميع الحاضرين ويلتفت إليهم التفاتاً خاصاً بحسب الحاجة للخطاب ، ويفرق النظر عليهم .
5- مراعاة المعلم للدقة في إجابة الأسئلة الموجهة إليه فلا يعيبه أن يقول قولاً ثم يرجع عنه إلى غيره إن بدا له وجه الصواب ، ولا ينبغي له أن يجيب عما لا يعرفه ولا حرج له في ذلك فإذا سئل عما لا يعلم فليقل : لا أعلمه أو لا أدري وهذا بحد ذاته من علامات العلم . (ابن جماعة ، 1933 : 42)
6- إدارة وقت الحصة بكفاءة ، فلا ينبغي للمعلم " أن يطيل الدرس تطويلاً يمل ولا يقصّره تقصيراً يخل ويراعي في ذلك مصلحة الحاضرين في الفائدة حالة التطويل (ابن جماعة ، 1933 : 52) ، وحذر (العاملي ، 1983 : 178) المعلم من إطالة مدة الدرس ، لكونه يمنع الطلبة من فهمه ، فالمقصود إفادتهم وضبطتهم فإذا صاروا إلى خلاف هذا ، فات المقصود.

الإجابة عن السؤال الرابع ونصه : " ما مقومات جودة التعليم وآليات ضمانها في التصور الإسلامي ؟ "
هناك جملة من المقومات والآليات لضمان جودة التعليم ، أمكن التوصل إليها من خلال تتبع الآيات الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة وأقوال العلماء المسلمين ، ويمكن إجمال أبرزها فيما يلي :
أ- الإعداد الجيد للمعلم قبل التصدر :
من متطلبات النجاح في الأعمال ، المعرفة والإلمام بتفاصيلها وقد جاء في التوجيه القرآني " وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً " (الإسراء ، آية : 36) ، وأشار (الزرنوجي ، 1977 : 101) إلى أن إتقان المعلم لمادته العلمية يمكنه من أداء درسه بنجاح ، وينصح (ابن جماعة ، 1933 : 45) المعلم " بألا يتنصب للتدريس إذا لم يكن أهلاً له ومن تصدر قبل أوانه فقد تصدى لهوانه " .
فالمعلم لا يكون تعليمه جيداً ما لم تكتمل معرفته بمادته التي يدرسها وحتى " يلمّ بطبيعتها ، من حيث محتواها وما تشتمل عليه من تفاصيل وفروع وحتى يكون مستوعباً لا متفهماً لأصولها " (ابن جماعة ، 1933 : 55) ، ومن منطلق الحرص على تطوير برنامج إعداد المعلم ، برز في الآونة الأخيرة اتجاه نحو عدم تعيينه إلا بعد اجتياز فترة امتياز عام ، كما هو الحال في إعداد الأطباء وفي كثير من الدول المتقدمة ، يتم تدريب الخريج على المهارات العملية اللازمة ، لممارسة المهنة ، تحت إشراف أساتذته من ذوي الخبرة العملية العالية ، داخل معاهد وكليات التربية النموذجية (الزواوي ، 2003 : 13) .
ويؤكد الباحثان في هذا المقام على ضرورة التركيز على انتقاء العناصر الجيدة من الطلبة للالتحاق بكليات ومعاهد التربية وقد " أكدت بعض الدراسات ، على أنه لم تظهر شروط قبول تتسم بالجدية والحزم فيما يخص الطلبة المراد التحاقهم بكليات التربية وأن معيار الاختيار – غالباً – يكون معدل الدرجات التي يحصل عليها الطالب في العام الأخير من المرحلة الثانوية " (راشد ، 1996 : 17) .
وإذا كانت كليات التربية لا تشكل عامل جذب للمتميزين من الطلبة الذين يقبلون على التخصصات العملية ذات البريق والمكانة الاجتماعية كالطب والهندسة ، فإن هذا يستلزم العمل على تحسين رواتب المعلمين وتطوير مكانتهم الاجتماعية والإعلاء من شأنهم مما يشكل دافعاً قوياً للطلبة الجدد ، نحو الالتحاق بكليات التربية والتطلع إلى ممارسة مهنة التعليم في المستقبل .
ب- اختيار أصحاب الكفاءة وفق معايير محددة :
وينطبق هذا على كل عامل في حقل التعليم ، سواء كان معلماً أو إدارياً يمارس التوجيه أو الإشراف ، وقد بين الرسول  أن من علامات الساعة ، ضياع الأمانة ووضع الرجل في غير مكانه المناسب ، ففي الحديث الشريف " إذا ضيّعت الأمانة فانتظروا الساعة قالوا : وكيف إضاعتها ؟ قال : إذا وسّد الأمر إلى غير أهله " (البخاري ، 1987 ، ج1 : 21) .
فلا يجوز لمن هو في موقع المسئولية ، أن يستجيب للضغوط والمؤثرات غير الموضوعية وهو يقدم على تعيين أحد من العاملين التزاماً بقوله  : " من استعمل رجلاً من عصابة وفي تلك العصابة من هو أرضى لله منه ، فقد خان الله وخان رسوله وخان المؤمنين" (الحاكم ، 1990 ، ج4 : 104) .
فالأصل في الوظائف أن يقدم الأصلح والأكفأ ، وهذا من هديه  وهو يقوم بتوليه أصحابه مهام في الدولة الإسلامية الأولى ، فلم يكن يسند الأعمال إلا لمن يرى فيه القدرة على أدائها بكفاءة ، ولم يكن  يعطي المواقع لمن يطلبها ولا يستطيع الوفاء بمتطلباتها ومن الأمثلة على ذلك قوله لأبي ذر رضي الله عنه " يا أبا ذر إنك ضعيف وإنها أمانة وإنها يوم القيامة خزي وندامة إلا من أخذها بحقها وأدى الذي عليها " (مسلم ، ب.ت ، ج3 : 1457). وجاء في الحديث الشريف " إنا والله لا نولّي هذا العمل أحداً يسأله أو أحداً أحرص عليه " (مسلم ، ب.ت ، ج6 : 482) .
وكان من عادته  اختيار الأنسب لتحمل المسئولية وأداء الأمانة ومن الشواهد على ذلك حين نزل بنو قريظة على حكم رسول الله  فتوافد رجال الأوس إلى رسول الله وقالوا يا رسول الله : إنهم موالينا دون الخزرج وقد فعلت في موالي إخواننا بالأمس ما قد علمت فقال  : ألا ترضون يا معشر الأوس ، أن يحكم فيهم رجلٌ منكم ؟ قالوا : بلى قال  : فذاك – إلى سعد بن معاذ – فقالوا : قد رضينا (ابن هشام ، 1987 ، ج3 : 189 ، 190) .
وفيما يخص تعيين المعلمين ، أكّد (ابن جماعة ، 1933 : 85) على ضرورة الاستعانة " بمن كملت أهليته وكان أحسن تعليماً وأجود تفهيماً " . ويلفت (ابن جماعة ، 1933 : 86) انتباهنا إلى أن معيار الصلاح في المعلم ليس بالضرورة ذيوع الشهرة وبعد الصيت فقد يتوفر الصلاح وتتحقق الكفاءة فيمن لم ينل حظه من الشهرة ، فالمعيار هنا تحقيق النفع على أيدي المعلم ويتضح ذلك من خلال قوله – مخاطباً المتعلم – وليحذر (المتعلم) من التقيّد بالمشهورين وترك الأخذ عن الخاملين وغير المشهورين ، فإذا كان الخامل من ترجى بركته، كان النفع به أعم والتحصيل من جهته آثم .
ويمكن إجمال أبرز معايير الكفاءة في المعلم على النحو التالي :
1- أن يكون غزيراً في مادته العلمية ، يعرف ما يعمله أتمّ المعرفة وأعمقها ، لديه إطلاع واسع وله من يوثقه من المشايخ العلماء في عصره . (ابن جماعة ، 1933 : 87)
2- أن تتوافر فيه القدرات الذهنية والبدنية التي تتطلبها طبيعة العمل (الهنيدي، 1999 : 100) وينسجم هذا مع قوله تعالى – على لسان نبيه شعيب عليه السلام - : " يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ " (القصص ، آية : 26) فالقوة التي وردت في الآية السابقة ، قوة شاملة في العلم والجسم والتحمل ، بحيث تظهر هذه القوة في سلوك المعلم إذا تكلم كان واثقاً من قوله وإذا اشتغل كان راسخاً في عمله (الحاج محمد ، 1989 : 93) .
3- الالتزام الأخلاقي والتحلي بالأدب وحسن الخلق (عبد العال ، 1985 : 1 ، 2) فمع التميز العلمي للمعلم ، لا بد من تميز أخلاقي ، يتمثل في حسن الخلق والتواضع ومجانبة الكبر وسعة الصدر (الآنسي وزميله ، 1989 : 305) ، ويشير (يالجن ، 1991 : 16) إلى الأخلاق الإسلامية مثلت جانباً بارزاً في الشخصية العربية والإسلامية بعد العقيدة ، كما أنها من عوامل تقدم المسلمين في ميادين الحياة وفي مجال الحضارة والإبداعات .
4- خشية الله عز وجل والورع والتقوى . (الزرنوجي ، 1989 : 119)
5- الاستعداد الفطري لممارسة المهنة ، وأكد على ذلك (ابن خلدون ، ب.ت : 536 ، 537) حيث اشترط ضرورة توفر الاستعداد عند المعلم ليكون معلماً فالتعليم مهنة من جملة المهن والتفنن في العلم والإجادة فيه ملكة خاصة ، تمكن أصحابها من الإحاطة بمبادئ التعلم وقواعده وأساليبه وما لم توجد هذه الملكة ، لا يحصل التفنن والإجادة وهذه الملكة شيء غير الفهم والوعي ، لأن الفهم والوعي ، يشترك فيهما من يحذق المهنة ومن لا يحذقها .
وتروي لنا كتب السيرة ، أنه عندما أسلم وفد ثقيف وكتب لهم رسول الله  كتابهم أمّر عليهم عثمان بن أبي العاص وكان من أحدثهم سناً لكنه كان أحرصهم على التفقه في الإسلام وتعلم القرآن فقال أبو بكر لرسول الله  : إني قد رأيت هذا الغلام من أحرصهم على التفقه في الدين وتعلم القرآن (ابن هشام ، 1987 ، ج2 : 124) .
ولضمان كفاءة المرشح للعمل في التعليم ، لا بد من اختياره وفحصه بالاعتماد على أدوات تقويم محددة بما فيها إجراء المقابلة الشخصية المباشرة .
ج- استدامة النمو المهني لدى العاملين :
التعلم مهنة والعمل المهني بطبيعته يتطلب نمواً مستمراً في ظل التطور العلمي والتكنولوجي والزيادة المتراكمة في مجال المعرفة والتغير المستمر في البيئة الاجتماعية (نور الدين، 1992: 29) ويتحقق هذا النمو من خلال ، برامج تدريب متواصلة ، لا تقتصر على الناحية المعرفية والفنية للمعلمين ، بل ينبغي أن تشمل كذلك الجوانب الأخرى من شخصية المعلم – النفسية والاجتماعية لكون مهنة التعليم شاقة ومتعبة ، سرعان ما تؤدي إلى وضع غير متزن لدى المعلمين وتفقدهم الدافعية والرغبة في العمل (Kyriacou, 1987: 146-150) ، وإلى جانب التدريب المستمر للمعلم ، عبر المراكز المخصصة لذلك ، لا بد من الاهتمام بتشجيع النمو المهني الذاتي لديه ذلك أن " التفقه في مجال عمله واجب وفرض عين وهذا يقتضي من العامل متابعة كل جديد في نطاق عمله وصولاً إلى الإتقان والإبداع" (القنجري، 1980 : 95).
فالمعلم يفترض ألا ينقطع عن التعلم والمداومة على الإطلاع في فروع العلم والمعرفة التي يقوم بتدريسها ويتطلب ذلك منه "دوام الحرص على الازدياد بملازمة الجد والاجتهاد والاشتغال والإشغال قراءة وإقراءً ومطالعة وفكراً وتعليقاً وحفظاً وتصنيفاً وبحثاً ولا يضيّع شيئاً من أوقات عمره في غير ما هو بصدده من العلم إلا بقدر الضرورة". (عبد العال، 1983:118).
د- التعاون والعمل بروح الفريق :
حث المولى سبحانه وتعالى عباده على التعاون في مجال الخير بقوله : " وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ " (المائدة ، آية : 2) .
فالعمل الجماعي القائم على التعاون بين الأفراد العاملين في المؤسسة التعليمية ، يتيح الفرصة لتفجير المواهب والطاقات الابتكارية كما يسهل عملية تبادل الخبرات ، ويساهم في بلورة رؤية واحدة مشتركة تمثل توجهاً موحداً ، يتحاشى التكرار والتناقض والتضارب ، ويعمل على تحديد المهام والواجبات بدقة وقد عبر عن العمل بروح الفريق الواحد قوله تعالى: " وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ" (الأنفال ، آية : 46) .
ومن النماذج الجلية في تظافر الجهود والتعاون البناء بقصد الإعمار والإصلاح ومواجهة التحديات والأخطار ما جاء في قصة ذي القرنين حينما طلب منه قومه بناء سد بينهم وبين المفسدين في الأرض ، فطلب العون من الله عز وجل ابتداءً ثم طلب منهم العون من أجل تنفيذ المهمة وإتقان العمل وإحكامه ويتضح ذلك من خلال قوله عز وجل : " قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَن تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا * قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا * آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا * فَمَا اسْطَاعُوا أَن يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا " (الكهف ، الآية : 94-97) .
ولا يقتصر التعاون بين العاملين ، داخل المؤسسة التعليمية الواحدة ، بل لا بد وأن يمتد إلى المؤسسات الأخرى في البلد الواحد وحتى خارج حدود البلد مع الدول الأخرى ذات التجارب المتقدمة في مجال تجويد وتطوير التعليم ، ويعبر عن هذه الفكرة اليوم ، ما يسمى بمصطلح التشبيك (Network) وأصل هذه الفكرة والمبدأ، قوله  في الحديث الشريف: "المؤمن للمؤمن، كالبنيان يشد بعضه بعضاً وشبك بين أصابعه " (البخاري، 1987، ج2 : 863).
هـ- التزام مبدأ الشورى وتبادل الرأي :
حث الإسلام على التشاور بين المسلمين ، بما يعود بالمنفعة وتحقيق المصلحة العامة وقد خاطب المولى سبحانه وتعالى نبيه قائلاً " فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ" (آل عمران ، آية : 159) .
وفي موضع آخر من كتابه العزيز وصف المؤمنين بقوله : " وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ " (الشورى، آية: 38)، ويعلق صاحب الظلال على الآية السابقة بقوله: "وكان الله يعلم أن خير وسيلة لتربية الأمة وإعدادها للقيادة الرشيدة، أن تربي بالشورى وأن تدرب على حمل التبعة وأن تخطئ – مهما يكن الخطأ جسيماً وذا نتائج مريرة – لتعرف كيف تصحح خطأها وكيف تحتمل تبعات رأيها وتصرفها، فهي لا تتعلم الصواب إلا إذا زاولت الخطأ" (قطب، 1980، ج1 :501).
ومن قبيل الاستشارة لتطوير وتحسين العمل التعليمي ، سؤال أهل الاختصاص والخبرة عملاً بقوله عز وجل : " فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ " (النحل ، آية : 43) ، وفي موضع آخر من كتابه العزيز " وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ " (فاطر ، آية : 14) .
وقد أبدى موسى عليه السلام ، استعداداً قوياً لتعلم واكتساب الخبرة والمهارة الجديدة فجاء على لسانه في محكم التنزيل "هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا" (الكهف، آية:66). وقد شجع الرسول  تبادل الخبرات النافعة بين الناس والحرص على إفادتهم بقوله : " الدال على الخير كفاعله " (الطبراني ، 1983 ، ج17 : 227) .
وربى الرسول  أصحابه رضوان الله عليهم على قول الحق واحترام الذات وعدم احتقارها أو انتقاصها بما يحد من المشاركة الفاعلة والمبادرة إلى إسداء الرأي وتوجيه النصح المطلوب ويتضح ذلك من خلال قوله : " لا يحقر أحدكم نفسه قالوا : يا رسول الله كيف يحقر أحدنا نفسه قال : يرى أمراً لله عليه مقالاً ثم لا يقول فيه فيقول الله عز وجل له يوم القيامة : ما منعك أن تقول فيّ كذا وكذا فيقول : خشية الناس ، فيقول فإيايّ كنت أحق أن تخشى " (ابن ماجة، ب.ت ، ج2 : 1328) ، ومن الشواهد البينة على ممارسة الشورى بصورة عملية وفاعلة، ما حدث في غزوة الأحزاب ، حيث سارع الرسول  إلى استشارة الصحابة في وضع خطة دفاع عن المدينة وبعد المناقشات التي جرت ، اتخذوا قراراً بحفر الخندق حولها وكان هذا استجابة لاقتراح سلمان الفارسي رضي الله عنه (ابن هشام، 1987 ، ج3 : 165 ، 166) .
وبالإجمال يمكن استثمار المشورة وتبادل الرأي بين فريق العمل في حقل التعليم ، من أجل تطوير العمل ، وإذا ما حدث اختلاف في وجهات النظر ، يمكن الاستفادة منها في حل المشكلات وليس في إنتاج صراعات جديدة أو فتح الآفاق أمام تنافس سلبي مدمّر .
و- استخدام التحفيز :
أقر الإسلام مبدأ التحفيز لمن أحسن العمل ، كما يفهم ذلك من خلال قوله عز وجل : " هَلْ جَزَاء الإِحْسَانِ إِلا الإِحْسَانُ " (الرحمن ، آية : 60) ، وحذر القرآن الكريم من غمط حق الناس والتنكر لجهودهم " وَلاَ تَبْخَسُواْ النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ " (الأعراف ، آية : 151) .
وحث الرسول  على مكافئة من يسارع في الخير بين الناس ويصنع المعروف "من صنع إليكم معروفاً فكافئوه فإن لم تجدوا ما تكافئونه فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه" (أبو داود ، ب.ت ، ج2 : 128) ، ويحفز المولى عز وجل عباده المؤمنين على ممارسة العمل الصالح المتقن من خلال بيان ثماره ومردوده في الدنيا والآخرة " مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ " (النحل ، آية : 97) .
ومن الجدير ذكره في هذا المقام ، أن المكافأة إنما تكون على درجة الإتقان ، وليست على نوع العمل وهذا يعني أن تتنوع الكفاءات وتتساوى القيم والمقاييس (الغزالي ، ب.ت : 117 ، 118) ، والتحفيز في المنهج الإسلامي - لكل محسن ومتقن في عمله وأداءه ، كما تبين في الحديث الشريف السابق - نوعان مادي وآخر معنوي ، فالمادي يكون بتقديم المكافأة المالية على قدر الجهد والفعالية والإسهام في إنجاز المطلوب وتحقيق الأهداف المنشودة وتطوير عمل المؤسسة التعليمية ولعل من أكبر المحفزات المعنوية بالنسبة للعامل المؤمن ، اعتقاده الجازم بأن الله سبحانه وتعالى عادلٌ في خلقه وهو الشكور ، وأن سعيه في الخير لا يضيع ولا يكفر ودل على ذلك قوله تعالى : " وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى * وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى * ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاء الْأَوْفَى " (النجم ، الآيات : 39-41) ، وفي موضع آخر من كتابه العزيز " فَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُونَ " (الأنبياء ، آية : 94) .
ومن أقوى المحفزات المعنوية لدى الفرد المسلم سعيه إلى إرضاء الله عز وجل والتقرب إليه بالعمل الصالح الخالص والثبات على ذلك ، حتى وإن كان هذا لا يرضي الآخرين ، وعبر عن هذا المفهوم قوله  " من اشترى رضى الله بسخط الناس ما زاده الله إلا عزاً ومن اشترى رضى الناس بسخط الله ما زاده الله إلا ذلاً " (الترمذي، ب.ت، ج4: 188).
ومن مظاهر التحفيز المعنوي للعاملين ، توفير مناخ إنساني بينهم ، قائم على الحب والاحترام والتقدير ، بما يشعرهم بالأمن الوظيفي والاستقرار ويشجعهم على بذل مزيد من الجهد والتفاني من أجل تحقيق أعلى درجات الجودة في المنتج وقد خاطب الله عز وجل نبيه بقوله : " وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ " (آل عمران ، آية : 159) ، وجاء في الهدي النبوي الشريف " إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم ولكن يسعهم منكم بسط الوجه " (أبو يعلى ، 1984 ، ج11 : 421) .
ز- التقويم المستمر للأداء :
من بدهيات القول ، أن التقويم يعد أداة أساسية في الحكم على نجاح العملية التعليمية وتحديد إذا ما كانت بالفعل حققت الأهداف المنشودة أو قصرت وأخفقت في ذلك ، ويشير بعض الباحثين إلى أننا في حاجة اليوم إلى ثورة شاملة لمراجعة المناهج التعليمية في بلاد المسلمين . (الزواوي ، 2003 : 101)
وأشار (القابسي ، 1990 : 162) إلى أن تقويم المتعلم والتأكد من إتقانه للتعلم في فترات معينة ، هو المؤشر الدال على حسن تعليم المعلم .
وحث (ابن جماعة ، 1933 : 53) المعلم على تقويم طلبته للتأكد من مدى استيعابهم وتحصيلهم في نهاية الدرس وفي ذلك يقول : " فإذا فرغ الشيخ من شرح درسه ، فلا بأس بطرح مسائل تتعلق به على الطلبة ليمتحن بها فهمهم " .
وأكد (ابن جماعة ، 1933 : 54) على تنوع الوسائل المستخدمة لتقويم أداء الطلبة لقوله – مخاطباً المعلم -: و"يطالبهم في أوقات بإعادة محفوظاتهم ويسألهم عما ذكر لهم من مهمات ".
وأياً كان العنصر المراد تقويمه في العملية التعليمية ، سواء تعلق ذلك بمدخلاتها
أو بمخرجاتها ، فإن التقويم يحدث بطريقتين ؛ الأولى من خلال الجهة المسئولة والمشرفة على المؤسسة باستخدام وسائل وأدوات مختلفة : اختبارات ، استطلاعات رأي ، الاستعانة بخبراء متخصصين في ضبط الجودة وتقييم أداء المؤسسات التعليمية ، إجراء دراسات علمية ذات طابع تقويمي وتجريبي وغير ذلك مما يمكن تنفيذه عبر وحدة خاصة لضمان الجودة ، يفترض أن تتوافر في كل مؤسسة تعليمية ، وأما النوع الثاني من التقويم فهو الذي يحدث بمبادرة ذاتية من الفرد العامل نفسه ، من منطلق إطلاعه على نفسه " بَلِ الْإِنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ * وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ " (القيامة ، الآيتان : 14 ، 15) ، وقد حث القرآن الكريم على مبدأ التقويم الذاتي " كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا " (الإسراء ، آية : 11) ، فلا بد من نشر ثقافة التقويم الذاتي في مؤسساتنا التعليمية وعلى أولي الأمر المسئولين أن يقدموا من أنفسهم نموذجاً يقتدى به في التقويم الذاتي للأداء ، وقد جاء على لسان الإمام علي رضي الله عنه " ينبغي لمن ولي أمر ، أن يبدأ بتقويم نفسه قبل أن يشرع في تقويم رعيته ، وإلا كان بمنزلة من رام استقامة ظل العود قبل أن يستقيم ذلك العود " (ابن أبي الحديد ، 1987 : 153) .
وحتى يؤتي التقويم – بنوعيه – ثماره الطيبة ، نحتاج إلى ترسيخ أسلوب التفكير الناقد لدى العالمين وهو الذي يحمل صاحبه المسئولية تجاه ما يقوم به من أعمال ويبعده عن الاغترار بالنفس والإعجاب بها " فَلا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى " (النجم ، آية : 32) ، كما أن هذا الاتجاه في التفكير يساعد الإنسان على الاستفادة من أخطاءه وتلافي تكرارها ، وقد جاء في الحديث الشريف " لا يلدغ المؤمن من جحرٍ واحدٍ مرتين " (البخاري ، 1987 ، ج5 : 2271) .


ح- تفعيل جهاز الرقابة والمحاسبة :
تأتي المراقبة والمحاسبة في الإسلام ، انطلاقاً من الإحساس بالمسئولية تجاه النفس والآخرين وجاء في الهدي النبوي الشريف " إن الله سائل كل راعٍ عما استرعاه حفظ ذلك أم ضيّع ضيعه " (ابن حبان ، 1993 ، ج1 : 344) ، والفرد المسلم يستشعر مفهوم الحساب ووزن الأعمال يوم القيامة كما تبين في قوله تعالى : " وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ " (الأنبياء ، آية : 47) فالله عز وجل مطلع على أعمال عباده ومراقب لها " مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ " (ق، آية: 18) ، وفي آية أخرى من كتابه الحكيم " وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَّقِيبًا " (الأحزاب، آية : 52) وإذا كان الإحسان أعلى درجات الإيمان ، فإنه يتضمن معنى المراقبة لله عز وجل في كل التصرفات والأعمال حيث جاء في الحديث الشريف " الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك " (البخاري ، ب.ت ، ج6 : 115) .
فالإحسان كما جاء في الحديث السابق يعني " أن يعبد المؤمن ربه في الدنيا على وجه الحضور والمراقبة كأنه يراه بقلبه وينظر إليه في حال عبادته " . (البغدادي ، 2004 : 128)
والمراقبة الذاتية على العمل وحدها لا تكفي فلا بد من مراقبة المسئول والرئيس للمرؤوسين، وعبر عن هذا السلوك الرقابي ما فعله نبي الله سليمان عليه السلام حيث جاء في محكم التنزيل "وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ" (النمل، آية: 20) ، ومن الجدير ذكره في هذا المقام أن الخلفاء الراشدين حرصوا على تقويم أداء الولاة والعمال بملاحظة أعمالهم عن قرب ، إذ جعلوا موسم الحج موسماً عاماً للمراجعة والمحاسبة واستطلاع الآراء في الأمصار (عويس وزميله ، 1982 : 35) ، وقد أفصح عمر بن الخطاب رضي الله عنه، عن أسلوبه العمل في متابعة ومراقبة العمال من خلال مخاطبته الرعية قائلاً: " أرأيتم لو استعملت عليكم خير من أعلم ثم أمرته بالعدل ، أكنت قضيت الذي عليّ ؟ قالوا : نعم ، قال : كلا حتى أنظر في عمله ، أعمل بما أمرته أم لا " (عويس وزميله ، 1982 : 35) .
ط- الاستبقاء على الهمة العالية :
من العوامل المساعدة على إتقان العمل وتحقيق الجودة في التعلم ، المداومة على الجد واستنهاض الهمة العالية بصورة مستمرة وعدم تأخير الأعمال (المنظمة العربية للتربية والثقافة ، 1989 ، ج3 : 185) ، وقد استعاذ نبينا  من تراخي الهمة والكسل حيث جاء في دعائه : " اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن وأعوذ بك من العجز والكسل " (البخاري ، 1987 ، ج3 : 1059) .
إن المداومة على بذل الجهد وإتقان العمل ، يحتاج إلى طول مجاهدة للنفس حيث جاء الاقتران بين المجاهدة والإحسان في قوله تعالى : " وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ " (العنكبوت ، آية : 69) ، فالمداومة على الجودة المطلوبة في الأعمال والتكاليف ورعايتها دوماً تحتاج إلى مجاهدة وصبر .
وقد جاء الجمع بين الإحسان والصبر في قوله تعالى : " وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللّهِ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلاَ تَكُ فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ * إِنَّ اللّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ " (النحل ، الآيتان : 127 ، 128) .


توصيات الدراسة:
في ضوء نتائج الدراسة يوصي الباحثان بما يلي :
1- تشجيع المبادرة الذاتية لتجويد التعليم وتطويره ، في مؤسساتنا التعليمية من منطلق الإحساس بالمسئولية والاعتماد في ذلك على التمويل الذاتي ما أمكن .
2- تعزيز القيم الإسلامية ، المحفزة على تجويد العمل ، إخلاص العمل لله عز وجل ، الأمانة في أداء الأعمال ، التفكير الناقد ، التعاون من أجل الصالح العام .
3- إحياء مفهوم التعبد لله عز وجل بالعلم لدى المتعلمين والمعلمين في جميع مراحل التعليم .
4- استخدام أساليب عملية في التدريس وعدم الإغراق في التعليم اللفظي .
5- تعزيز الانتماء إلى المؤسسات التعليمية والولاء الصادق لمهنة التعليم .
6- تدريب المعلمين على إجراء الأبحاث العلمية الميدانية لتقويم العملية التعليمية واكتشاف أوجه القصور فيها ومن ثم العمل على تطويرها وضبط جودة التعليم في المؤسسات التعليمية.
7- تدريب القيادات التعليمية في كل المواقع على مفاهيم إدارة الجودة الشاملة وأساليب تطبيقها وتشكيل فرق لضبط الجودة في المدارس والمعاهد والجامعات .
8- إعادة النظر في المقررات الدارسية ، من خلال إجراء دراسات تقويمية لها وفق معايير علمية .
9- مراجعة برامج إعداد المعلمين والعمل على تحسينها بما يتلاءم مع طبيعة العصر وتحديات الانفجار المعرفي والتقدم التكنولوجي الهائل .
10- معالجة ظاهرة الانطفاء لدى كثير من المعلمين والعمل على تحسين الأوضاع المعيشية لهم بما يكفل شحذ هممهم .
11- التأكيد على ضرورة توفير المناخ النفسي والاجتماعي في مؤسساتنا التعليمية والقائم على الحب والاحترام المتبادل والعلاقة الدافئة بين المعلمين والمتعلمين من جهة وبين الرؤساء والمرؤوسين من جهة أخرى .
12- اختيار العاملين الأكفاء في كافة المواقع التعليمية وفق معايير محددة تتضمن اختيار الأنسب والأصلح .
13- تعزيز ثقافة الحوار البناء وتبادل الرأي والمشورة بين العاملين في حقل التعليم .
14- التحفيز المستمر للعاملين المجدين والمتقنين لأعمالهم والحريصين على تطوير المؤسسة التعليمية .

قائمة المصادر والمراجع:
المراجع العربية:
- القرآن الكريم ، تنزيل العزيز الرحيم .
1- إبراهيم ، مفيدة (1997) : القيادة التربوية في الإسلام ، دار مجدلاوي ، عمان .
2- ابن أبي الحديد (1986) : نهج البلاغة ، تحقيق (محمد أبو الفضل إبراهيم) ، دار الجيل ، بيروت.
3- ابن تيمية ، أحمد بن عبد الحليم (ب.ت) : السياسة الشرعية ، دار المعرفة .
4- ابن تيمية ، أحمد عبد الحليم (ب.ت) : المنطق .
5- ابن حبان ، محمد بن أحمد (1993) : صحيح ابن حبان ، مؤسسة الرسالة ، بيروت.
6- ابن حنبل ، أحمد (ب.ت) : سند الإمام أحمد ، المكتب الإسلامي ، بيروت .
7- ابن جماعة ، بدر الدين (1933) : تذكرة السامع والمتكلم في آداب العالم والمتعلم ، دار الكتب العلمية ، بيروت .
8- ابن خلدون ، عبد الرحمن (ب.ت) : المقدمة ، المكتبة التجارية الكبرى ، القاهرة .
9- ابن عبد البر، يوسف بن عبد الله (1966) : جامع بيان العلم وفضله ، دار الكتب العلمية ، بيروت.
10- ابن فارس، أبو الحسن أحمد بن زكريا (1991): معجم مقاييس اللغة، دار الجيل، بيروت.
11- ابن ماجة ، الحافظ أبي عبد الله (ب.ت) : سنن ابن ماجة ، تحقيق (محمد عبد الباقي) ، مطبعة دار إحياء الكتب العربية ، بيروت .
12- ابن منظور ، جمال الدين محمد بن مكرم (2003) : لسان العرب ، دار الحرية للطباعة والنشر والتوزيع ، مصر .
13- ابن هشام ، عبد الملك (1987) : السيرة النبوية ، دار الريان للتراث ، القاهرة .
14- أبو العينين ، علي خليل (ب.ت) : قراءة تربوية في فكر الماوردي ، دار الفكر العربي، مصر .
15- أبو داود ، الإمام الحافظ الأشعث الأزدي (ب.ت) : سنن أبي داود ، مراجعة وضبط (محمد محيي الدين عبد الحميد) ، دار الفكر .
16- أبو دف ، محمود خليل (2002) : مادة تدريبية في إدارة الصف – المفاهيم والتطبيقات، مطبعة دار الأرقم ، غزة .
17- أبو يعلى، أحمد بن علي الموصلي (1984): سند أبي يعلى، تحقيق (حسين أسعد)، دار المأمون، دمشق.
18- أحمد ، أحمد إبراهيم (2003) : الجودة الشاملة في الإدارة التعليمية والمدرسية ، دار الوفاء لدنيا الطباعة والنشر ، مصر .
19- أحمد ، أحمد محمد (1996) : " سمات ومسئوليات طالب العلم في الفكر التربوي الإسلامي " مجلة كلية التربية ، أسيوط ، العدد (2) .
20- إخوان الصفا (1995): رسائل إخوان الصفا، تحقيق (عارف ناصر)، منشورات عويدات ، بيروت.
21- الألباني، محمد ناصر الدين (ب.ت) : الكتاب الجامع الصغير وزيادته ، المكتب الإسلامي ، عمان.
22- الألباني، محمد ناصر الدين (ب.ت): صحيح الترغيب والترهيب، مكتبة المعارف، الرياض.
23- الآجري ، محمد بن الحسين (1984) : أخلاق أهل القرآن ، تحقيق (فاروق حمادة) ، دار الثقافة ، الدار البيضاء .
24- الأنسي، عبد الله وزميله (1989): مشاهير الفكر التربوي عبر التاريخ، مكتبة إحياء التراث الإسلامي.
25- البخاري ، محمد بن إسماعيل (1987) : كتاب الجامع الصغير المختصر ، تحقيق (مصطفى البغا)، دار ابن كثير ، بيروت .
26- البخاري ، محمد بن إسماعيل (ب.ت) : صحيح البخاري ، دار الفكر ، القاهرة .
27- البدر ، عبد المجيد بن حمد العبّاد (2003) : فتح القوى المتين في شرح الأربعين وتتمة الخمسين للنووي وابن رجب ، دار ابن القيم ، الدمام .
28- البغدادي ، زين الدين (2004) : جامع العلوم والحكم في شرح خمسين حديثاً من جوامع الكلم ، دار السلام للطباعة والنشر ، مصر .
29- البقري، أحمد ماهر (1980) : العمل في الإسلام ، مؤسسة شباب الجامعة ، الإسكندرية.
30- البقعاوي ، صالح بن سلمان المطلق (2000) : مبدأ الرفق في التعامل مع المتعلمين من منظور التربية الإسلامية ، دار ابن الجوزي ، الدمام .
31- البيلاوي ، حسن وآخرون (2000) : الجودة الشاملة في التعليم بين مؤشرات التمييز ومعايير الاعتماد ، دار المسيرة ، عمان .
32- البيهقي، أبو بكر أحمد بن الحسين (1989): شعب الإيمان، دار الكتب العلمية، بيروت .
33- الترمذي ، أبو عيسى محمد بن عيسى (ب.ت) : سنن الترمذي ، تحقيق (أحمد شاكر وآخرون) ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت .
34- التعليم ذلك الكنز المكنون (1996) : مركز الكتاب الأردني ، عمان .
35- الجوزية ، ابن القيم (2003) : مدارج السالكين ، هذبه (عبد المنعم العربي) ، دار التوزيع والنشر الإسلامية ، القاهرة .
36- الجوزية ، ابن القيم (ب.ت) : مفتاح دار السعادة ، دار الكتب العلمية ، بيروت .
37- الحاج محمد ، طاهر حامد (1989) : مدى توافر السمات القيادية مع المعايير الإسلامية في اختيار القائد التربوي ، مكتبة جدة ، جدة .
38- الحاكم ، محمد بن عبد الله (1995) : المستدرك على الصحيحين ، تحقيق (مصطفى عبد القادر) ، دار النشر للكتب العلمية ، بيروت .
39- الخطيب ، محمود (2007) : " كيفية تحقيق الجودة في التعليم العام " ، مجلة الدعوة، العدد (3098) ، شبكة الإنترنت .
40- الدارمي ، عبد الله بن عبد الرحمن أبو محمد (1980) : سنن الدارمي ، تحقيق (فواز أحمد زمرلي) ، دار الكتاب العربي ، بيروت .
41- الرازي، محمد بن أبي بكر عبد القادر (ب.ت): مختار الصحاح، دار الحديث ، القاهرة.
42- الزبيدي ، السيد المرتضى الحسيني (1966) : تاج العروس من جوامع القاموس ، تحقيق (علي هلالي) ، دار الهداية للطباعة والنشر ، الكويت .
43- الزرنوجي، برهان الدين (1977): تعليم المتعلم في طريق التعلم، مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة.
44- الزمخشري (1933) : تفسير الكشاف ، مطبعة محمد ، القاهرة .
45- الزنتاني ، عبد الحميد الصير (1993) : أسس التربية الإسلامية في السنة النبوية ، الدار العربية للكتاب ، طرابلس .
46- الزواوي، خالد محمد (2003): الجودة الشاملة في التعلم، مجموعة النيل العربية، القاهرة.
47- الزيور، نادر فهمي وآخرون (1989): التعلم والتعليم الصفي ، دار الفكر للنشر والتوزيع ، عمان.
48- السعدي ، عبد الرحمن ناصر (ب.ت) : الفتاوي السعدية ، مكتبة ابن تيمية .
49- السعدي، عبد الرحمن ناصر (2002): تفسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنّان، دار الحديث، القاهرة.
50- السمالوطي، نبيل محمد توفيق (1980): المنهج الإسلامي في دراسة المجتمع، دار الشروق، السعودية.
51- الشافعي ، أحمد ونّاس ، السيد محمد (2003) : " ثقافة الجودة في الفكر الإداري التربوي الياباني وإمكانية الاستفادة منه في مصر " ، مجلة أبحاث اليرموك ، العدد(1) ، الأردن .
52- الشيباني ، عمر محمد التومي (1985) : الفكر التربوي بين النظرية والتطبيق ، المنشأة العامة للنشر والتوزيع والإعلان ، طرابلس .
53- الطبراني ، سلمان بن أحمد أيوب أبو القاسم (1983) : المعجم الكبير ، تحقيق (حمدي السلفي) ، مكتبة العلوم والحكم ، الموصل .
54- العاملي ، زين الدين بن أحمد (1983) : منية المريد في آداب المفيد والمستفيد ، تحقيق (عبد الأمير شمس الدين) ، الشركة العالمية للكتاب .
55- العجلوني ، إسماعيل حسين محمد (ب.ت) : كشف الخفاء ومزيل الإلباس عما اشتهر في الأحاديث على ألسنة الناس ، دار التراث ، القاهرة .
56- الغزالي، الإمام أبي حامد (1964) : ميزان العمل ، تحقيق (سليمان دينا) ، دار المعارف ، القاهرة.
57- القابسي، أبو الحسن (1980) : الرسالة المفصلة لأحوال المتعلمين وأحكام المتعلمين.
58- القرشي ، عبد الرحمن محمد أبو بكر (ب.ت) ، كتاب مكارم الأخلاق ، مكتبة القرآن، القاهرة .
59- القرضاوي ، يوسف (1994) : التربية عند الإمام الشاطبي ، دار الصحوة ، القاهرة.
60- القرطبي ، أبي عبد الله محمد (2002) : الجامع لأحكام القرآن ، راجعه وأخرج أحاديثه (محمد الحفناوي ، محمد عثمان) ، دار الحديث ، القاهرة .
61- القنجري ، محمد شوقي (1980) : نحو اقتصاد إسلامي ، شركة مكتبات عكاظ للنشر، جدة .
62- الكيلاني ، ماجد عرسان (1988) : أهداف التربية الإسلامية ، مكتبة التراث ، المدينة المنورة .
63- الكيلاني، ماجد عرسان (1985) : تطور مفهوم النظرية التربوية الإسلامية ، دار الفكر ، بيروت.
64- الكيلاني ، ماجد عرسان (1996) : مقومات الشخصية المسلمة (الإنسان الصالح) ، مكتبة دار الأيتام ، مكة المكرمة .
65- الماوردي، علي بن محمود (1973): أدب الدين والدنيا، تحقيق (مصطفى السقا)، مكتبة الحلبي، القاهرة.
66- المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (1989) : من أعلام التربية الإسلامية ، مكتب التربية العربي لدول الخليج ، الرياض .
67- النجار، إبراهيم الزيبي، البشير (1985): الفكر التربوي عند العرب، الدار التونسية للنشر، تونس .
68- النجار ، زغلول راغب (1981) : أزمة التعليم المعاصر وحلولها الإسلامية ، الدار العالمية للكتاب الإسلامي ، الرياض .
69- النحلاوي، عبد الرحمن (1982): أصول التربية الإسلامية وأساليبها، دار الفكر، دمشق.
70- النحلاوي ، عبد الرحمن (1988) : الإصلاح التربوي والاجتماعي والسياسي من خلال المبادئ والاتجاهات التربوية عند التاج السبكي ، المكتب الإسلامي ، بيروت .
71- النقيب ، عبد الرحمن (1984) : بحوث في التربية الإسلامية ، ج2 ، دار الفكر العربي، القاهرة .
72- النووي ، أبو زكريا يحيى بن شرف (1968) : شرح النووي على صحيح مسلم ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت .
73- النووي ، شهاب (ب.ت) : نهاية الأرب في فنون الأدب ، ج4 ، المؤسسة المصرية للنشر والتأليف والترجمة والطباعة ، القاهرة .
74- الهنيدي ، جمال (1999) : التربية المهنية والحرفية ، دار الوفاء ، المنصورة .
75- الوحيدي ، أحمد عياد (1990) : " الفكر التربوي عند برهان الإسلامي الزرنوجي وتطبيقاته التربوية " ، رسالة ماجستير ، كلية التربية ، الجامعة الأردنية .
76- أنيس ، إبراهيم منتصر عبد الحليم (1972) : المعجم الوسيط ، القاهرة .
77- تقرير التنمية العربية الإنسانية (2002) : بناء القدرات البشرية في التعليم .
78- حجازي ، محمد (1982) : التفسير الواضح ، دار الكتاب العربي ، بيروت .
79- حسنة ، عمر عبيد (1995) : رؤية منهجية في التغيير ، المكتب الإسلامي ، بيروت.
80- حسنة ، عمر عبيد (1992) : مراجعات في الفكر والدعوة والحركة ، الدار العالمية للكتاب الإسلامي ، الرياض .
81- راشد ، علي (1996) : اختيار المعلم وإعداده ، دار الفكر العربي .
82- راشد، علي (1993): المعلم الناجح ومهاراته الأساسية، ج1، دار الفكر العربي، القاهرة.
83- رجب ، مصطفى (1999) : مع تراثنا العربي ، شخصيات ونصوص ، مكتبة كوميت ، القاهرة .
84- ريان ، فكري حسن (1984) : التدريس – أهدافه أسسه أساليبه تقويم نتائجه وتطبيقاته ، عالم الكتب ، القاهرة .
85- زادة ، طاش كبرى (1968) : مفتاح السيادة ومصباح السعادة في موضوعات العلوم ، دار الكتب العربية ، القاهرة .
86- شحاتة، حسن (2003): المناهج الدراسية بين النظرية والتطبيق، مكتبة الدار العربية للكتاب، القاهرة.
87- شفشق محمود ، الناشف ، هدى (1995) : إدارة الصف المدرسي ، دار الفكر العربي ، القاهرة .
88- شلبي ، أحمد (1967) : المجتمع الإسلامي ، مكتبة النهضة المصرية ، القاهرة .
89- شمس الدين ، عبد الأمير (1986) : الفكر التربوي عند ابن المقفع والجاحظ وعبد الحميد الكاتب، دار إقرأ ، بيروت .
90- شمس الدين، عبد الأمير (1986) : الفكر التربوي عند الغزالي ، دار إقرأ ، بيروت.
91- صالح ، معين (1989) : " الفكر التربوي عند الشوكاني " ، رسالة ماجستير ، كلية التربية ، جامعة أم القرى .
92- طعيمة ، رشدي وآخرون (2006) : الجودة الشاملة ، دار النهضة العربية ، القاهرة.
93- عبد العال ، حسن إبراهيم (1985) : فن التعليم عند بدر الدين ابن جماعة ، مكتب التربية العربي لدول الخليج ، الرياض .
94- عثمان ، أحمد عزمي (1996) : أفضل طرق المذاكرة وتنمية مهارات السرعة في القراءة ، مطابع الأهرام التجارية ، مصر .
95- عبيدات، زاهر الدين (2001): القيادة والإدارة التربوية في الإسلام، دار البيارق، عمان.
96- علي ، سعيد إسماعيل (1991) : اتجاهات الفكر التربوي الإسلامي ، دار الفكر العربي، القاهرة .
97- علي ، سعيد إسماعيل (1992) : " أهداف المدارس الإسلامية " مجلة المسلم المعاصر ، تصدر عن مؤسسة المسلم المعاصر والمعهد العالمي للفكر الإسلامي ، العدد (63) .
98- علي ، سعيد إسماعيل (1999) : نظرات في التربية الإسلامية ، مكتبة وهبة ، القاهرة .
99- عليمات، صالح (2004) : إدارة الجودة الشاملة في المؤسسات التربوية ، دار الشروق ، الأردن.
100- عويس ، عبد الحليم ، عاشور ، مصطفى (1982) : من أعلام الإسلام ، دار الاعتصام، القاهرة .
101- قطب ، سيد (1980) : تفسير في ظلال القرآن ، دار الشروق ، بيروت .
102- قمبر ، محمد وآخرون (1989) : دراسات في أصول التربية ، دار الثقافة ، الدوحة.
103- Kyriacou.cteach/strees and Burntouns. An International, Review, Educational research, 24, 1987, P. 146-150. .
104- محجوب ، عباس : " إتقان العمل غرة الإحسان " شبكة المشكاة الإسلامية ، 27/6/2007 .
105- مدكور ، علي أحمد (1992) : " الثقافة والحضارة في التصور الإسلامي ودورهما في محتوى المناهج التربوية " ، مجلة دراسات تربوية ، رابطة التربية الحديثة ، مج (7) ، القاهرة .
106- مدكور، علي أحمد (1990): منهج التربية في التصور الإسلامي، النهضة العربية، بيروت.
107- مدني، عباس (1991): مشكلات تربوية في البلاد الإسلامية، مكتبة المنارة، مكة المكرمة.
108- مسلم ، الحجاج أبو الحسن (ب.ت) : صحيح مسلم ، تحقيق (محمد فؤاد عبد الباقي) ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت .
109- مصطفى ، إبراهيم وآخرون (1989) : المعجم الوسيط ، ج1 ، دار الدعوة ، تركيا .
110- مصطفى، صلاح (2002): الإدارة المدرسية في ضوء الفكر الإداري المعاصر، دار المريخ، السعودية.
111- ناصر ، إبراهيم (1989) : أسس التربية ، دار عمار ، عمان .
112- ناصر ، إبراهيم (1996) : مقدمة في التربية ، دار عمّار ، عمان .
113- نور الدين ، محمد عبد الجواد (1992) : " معايير تمهين التعليم " ، رسالة الخليج العربي ، العدد (43) ، الرياض .
114- هارون، رمزي فتحي (2003) : الإدارة الصفية ، دار وائل للطباعة والنشر ، عمان.
115- يالجن، مقداد (1999): أساليب التوجيه والإرشاد في التربية الإسلامية، دار عالم الكتب، الرياض.
116- يالجن ، مقداد (1996) : الأخلاقيات الإسلامية الفعالة للمعلم والمتعلم ، وآثارها على النجاح والتقدم العلمي ، دار عالم الكتب ، الرياض .
117- يالجن ، مقداد (1989) : أهداف التربية الإسلامية ، دار الهدى ، الرياض .
إضافة رد


يشاهدون الموضوع : 1 ( عضو0 زائر 1)
 

الانتقال السريع